نبض للوطن
أحمد يوسف التاي
حكم عسكري بغطاء مدني
(1)
شكل خروج القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان من مخبأه ، وتفقده للوحدات العسكرية علامة فارقة في المشهد السوداني على الصعيدين العسكري والسياسي، حيث أربك هذا التحرك المفاجيء لقائد الجيش أطراف كثيرة داخلية وخارجية، وعقّد حسابات سياسية لدى بعض القوى الداخلية على نحو استعصى على فهم الكثيرين الذين تسابقوا لإلتقاط القفاز ليرمي به كل منهما الآخر،حيث لجأت بعض أطراف الصراع السياسي إلى تفسير خروج الرجل وسط جيشه على أنه مكسب لها وخسارة لخصومها،،كما لو أنها لاتريد أن تصدق أن البرهان بدأ في لف الحبل على رقبة الجميع يمينا ويسارا، وهو إحساس ممزوج بالخوف والتوجس تحاول القوى السياسية المتصارعة على الحلبة طرده عنها وإلصاقه بخصومها…
(2)
طالعنا أقلاما صحافية محسوبة على اليسار تبشر بتحركات البرهان على أنها الخطوة الأولى في فك الإرتباط بينه والحركة الإسلامية صاحبة النفوذ داخل المؤسسة العسكرية، وبالمقابل طالعنا مقالات صادرة عن كبار كتاب المؤتمر الوطني تبشر بذات الخطوة على أنها بداية النهاية للعلاقة بين قوى الحرية والتغيير والمؤسسة العسكرية، والتي هي أصلا تعاني من الوهن.
(3)
وبقراءة موضوعية، نستطيع القول أن الطرفين محقان في ما ذهبا إليه من تفسير ولكن بطريقة تختلف عما نظن ونزعم، والصحيح أن كلاهما في ورطة فالخطوة مهما اختلف تأويلها والتكهنات حولها فإنها ماضية بإتجاه التحرر من التأثير الحزبي على المؤسسة العسكرية، وهي أيضا تؤسس لسيطرة الجيش على مقاليد الأمور في الفترة المقبلة عقب إنهاء التمرد.
(4)
صحيح أن الخطوة يمكن أن تُقرأ باتجاه وضع نهاية واضحة للزواج السري بين الجيش والحركة الإسلامية في نسخته الثانية والتي بدأت في 25 اكتوبر 2021 (إنقلاب البرهان)، وصحيح أيضا أن الخطوة يمكن أن تُقرأ في سياق أن البرهان وجد الأرضية التي يمكن أن يقف عليها لمراجعة وتصفية حساباته مع الشركاء المدنيين الذي كان قد انقلب عليهم بعد دخلولهم معه في معترك وصراع سياسي محموم سعى من خلاله كل طرف لتنحية الآخر بعد تطور الصراع السياسي إلى مهاترات واتهامات خرجت عن اللباقة… وعليه فإن ظهور البرهان وسط جنوده ودعم الاعلام المصري الرسمي لهذه الخطوة، والحديث عن مبادرة مصرية لوقف الحرب تدعمها دول عربية يعزز فرضية ان الرجل يريد ان يتخلص من الطرفين السياسيين بضربة واحدة بعد إنهاء التمرد خاصة إذا قرئت هذه التحركات مع نية البرهان التوجه الى مصر والسعودية لكسب الدعم الدولي والإقليمي، لتأسيس حكم عسكري بغطاء مدني على غرار ما حدث في مصر…
…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة اخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.