موقف.. د.حسن محمد صالح | أرفعوا حواجب الدهشة السودانية .
تعجبوا وأرفعوا حواجب الدهشة كما كان يقول أستاذنا الراحل موسى يعقوب في مقالاته في الصحافة السودانية .عنصر الغرابة يكمن في ما نشرته الغراء (اليوم التالي) نقلاً عن صحيفة (ديلي مافريك) الأمريكية أن وزير الدفاع الأمريكي لوبد أوستن الذي يزور القاهرة حالياً سيناقش مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومسؤولين مصريين كبار العملية السياسية في السودان . وقالت الصحيفة في تقرير لها أن الولايات المتحدة ومصر تشاركان حالياً في محادثات بين الأطراف لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة في في ليبيا والسودان المجاورتين .
هل القضية السياسية في السودان إذا سلمنا أنها قضية تعتبر أولوية في محادثات بين مصر وأمريكا وهل هي أولوية أم الأولوية هي القضية الفلسطينية وما يحدث في الأراضي المحتلة من عمليات إبادة وتقتيل للشعب الفلسطيني الأعزل يقوم بها الجيش الاسرائيلي بشكل ممنهج ومن خلفه وأمامه المستوطنون اليهود المسلحون والذين يوجهون أسلحتهم لقتل المواطنيين والمدنيين في فلسطين ولا أحد يدين أو يستنكر .
مما يؤسف له أن الشأن السوداني قد أصبح حديث العواصم وجدول أعمال في الإجتماعات الثنائية واللقاءات المغلقة والسبب في ذلك هي الأحزاب والقوى التي تريد أن تحكم السودان بالوكالة عن الخارج وهي قوى الحرية والتغيير المنقسمة على نفسها وقد أصبحت الخرطوم على نبأ مغادرة وفد قيادي من مركزي الحرية والتغيير للإمارات .
وكشفت لجنة الإتصال والعلاقات الخارجية بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي لليوم التالي الصادرة الخميس 9مارس 2023م عن مغادرة وفد من قيادات التحالف مساء الأربعاء إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لمناقشة إكمال الترتيبات النهائية للعملية السياسية .
ومن المضحكات والمبكيات في هذه الخطوة أن بيان اللجنة المركزية للحرية والتغيير الصادر بخصوص الزيارة جاء فيه (أن سفرهم للإمارات يأتي ضمن الجولة التي قامت بها اللجنة إلى دول الجوار والتي بدأت بدولة جنوب السودان) فهل صارت الإمارات العربية المتحدة من دول الجوار للسودان ولما لم تتوجه مركزية الحرية والتغيير إلى مصر إذا كان المقصود هو دول جوار السودان وكيف يكون الجوار إذا لم يشمل مصر ووادي النيل ؟ لقد رفضت (قحط) ما أسمته بإغراق الإتفاق الإطاري ولكنها اليوم تغرق السودان بالتدخل الأجنبي وجعلت الدول تتداعى على البلاد كما تداعت الأكلة على قصعتها ..
وبالعودة إلى المحادثات المصرية الأمريكية فأن مصر استضافت إجتماع الكتلة الديمقراطية المنشقة عن الحرية والتغيير في يناير من العام الجاري وكان الشعب السوداني ينظر للدور المصري بأنه المخلص من التدخل الخارجي في الشأن السوداني الداخلي وسياسة المبعوثين الدوليين واللجنة الرباعية والثلاثية إلا أنه ومما يؤسف له أن مصر أدخلت السودان في ذات النفق النفق الأمريكي هذه المرة وبدلاً من أن تكون وساطتها و مبادرتها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين مارست ذات سياسة الإقصاء السياسي التي ظلت تمارسها (قحت) المركزي وحليفها فولكر بيرتس والرباعية وأخطأت مصر عندما ربطت بين القضية الليبية والقضية السودانية المجاورتين كما أوردت الصحيفة . فالشأن الليبي هو حالة إنقسام وحرب أهلية في حين ظل السودان بعيداً عن الحرب الأهلية وموحد ومتيقظ المؤامرات الخارجية وأمام السودان العديد من الخيارات لتجاوز الأزمة السياسية المفتعلة .
كان الأسبوع المنصرم هو أسبوع التسريبات الأمنية الخطيرة والشائعات المغرضة بإمتياز فقد إنتشرت التسريبات عن مطار مروي وقوات الدعم السريع وسوف نتحدث عن الأخيرة ولكن الحديث عن مطار مروي يستوجب تطبيق القانون على مروجيها لدخولها في الأمن القومي السوداني.
وكل تلك الساعات والتسريبات تمهيداً لخطوات قادمة في سبيل تنفيذ الإرادة الخارجية في السودان مع حرص المتربصين بالسودان على تشكيل الحكومات التي تنفذ أجندتهم واسقاط من يقول لهم عندي شورة أو أعطوني فرصة لكي أخرج الأمر وكلاهما عميل ولكن هناك عميل يفكر وعميل لا يفكر والأخير هو الأفضل بالنسبة المستعمرون الجدد الملوحين بالدولار .ولكن الويل لهم من الشعب السوداني الذي ليس أمامه إلا تخليص وطنه من براثنهم والعودة به من جديد حراً أبياً في مهابة وبإيمان كإيمان الصحابة .