محجوب مدني محجوب يكتب:
زيادة خطورة الدعم السريع تعني زيادة الاتهام للبرهان.
للذين يعمقون من خطورة الدعم السريع؛ ليواجهون به الهجوم على جهات أخرى غير إدارة الجيش.
فينبغي بدلا من ذلك أن يربطوا هذه الخطورة مباشرة بتوجيه أصابع الاتهام للفريق البرهان.
وهذه المتلازمة بين وجوب ربط خطورة الدعم السريع من جهة واتهام البرهان من جهة أخرى لم يأت من فراغ، وإنما جاء من أجل أن كل الأسباب تدعم هذا الربط.
ذلك لأن الدعم السريع حليف الفريق البرهان منذ اندلاع ثورة ١٩ ديسمبر ٢٠١٨م.
ذلك لأن الدعم السريع انتشر طولا وعرضا إبان قيادة الفريق البرهان للجيش.
ذلك لأن الجيش لم يختلف مع الدعم السريع إطلاقا في كل مراحل تطور الأحداث إبان إدارة المرحلة الانتقالية.
بل كل من يبدي أي اعتراض على اتفاقهما وانسجاهما يقابل بالطرد واللعن من قبل البرهان.
لم يختلف معه في التحالف ضد المدنيين.
لم يختلف معه في الوثيقة الدستورية التي وقعت مع المدنيين.
لم يختلف معه في الانقلاب على المدنيين في الخامس والعشرين من أكتوبر.
لم يختلف الفريق البرهان مع الدعم السريع إلا في اللحظة التي أراد فيها حميدتي أن يقضي عليه.
فحينما ظهرت خطورة حميدتي في لحظة الصفر.
من الذي أولى بالهجوم؟
هل الأولى أن يهاجم على من اعترض على سياسة البرهان منذ البداية؟
أم يهاجم البرهان نفسه الذي لم يلتفت لمخطط الرجل إلا في لحظة الصفر؟
واكتشاف مخطط حميدتي في لحظة الصفر ألا يعد هذا قصور في قدرات وإمكانيات البرهان؟
الفريق البرهان لم يدرك خطورة الدعم السريع مرتين:
المرة الأولى حينما تحالف معه ضد المدنيين، فإن كان هدف المدنيين هو تغيير نظام الحكم في السودان، فإن هدف حميدتي هو نسف السودان بأكمله فأيهما أشد خطورة؟
وأيهما أحق بالوقوف معه؟.
الحرية والتغيير أم الدعم السريع؟
وإن كان كلا المكونين على ضلال، فما فائدة اتفاق الجيش مع واحد ضد الآخر؟
والمرة الثانية حينما سمح البرهان لنفسه أن يعقد اتفاقا معهما معا مع قوى الحرية والتغيير والدعم السريع عبر (الاتفاق الإطاري)، فإن كان البرهان له أدنى حس أمني لما جلس مع من يريد أن يغير الحكم في السودان أو مع من يريد أن ينسف السودان على طاولة واحدة.
لكل ذلك فالشيء الطبيعي بعد نشوب الحرب أن تهاجم إدارة الفريق البرهان، ولا يهاجم أحد غيرها.
الشيء الطبيعي أن المختلف حول مقدرات قيادة الفريق البرهان بعد الحرب أن يتفق مع الذين ينادون بعدم مقدراته.
فسواء كان الفريق البرهان جاهلا بهدف الدعم السريع أو كان متعمدا، فكلا الاحتمالين لا يؤهلانه لإدارة الجيش.
ألا فليعلم كل من يعظم من خطورة الدعم السريع ألا فليبرط هذه الخطورة مباشرة بعدم مقدرة الفريق البرهان لإدارة الجيش.
فكلا الأمرين متلازمان.
أما القفز من هذه المعادلة بحيث يهاجم من يعترض على البرهان.
يهاجم من لا علاقة له بتكوين الدعم السريع بحجة ان هذا ما يستدعيه الواجب الوطني، فهذا أمر في غاية الغرابة.
فالفريق البرهان والدعم السريع هما القوتان اللتان كانتا تدعم كل واحد منهما الأخرى منذ اندلاع الثورة.
لا أحد مسؤول من أي خطورة تأتي من الدعم السريع سوى الفريق البرهان.
فهل قوى الحرية والتغيير هي الأولى باكتشاف خطورة الدعم السريع؟
أيهما أولى بالهجوم بعد اكتشاف مخطط حميدتي؟
الفريق البرهان أم من رفض سياسة الفريق البرهان منذ البداية؟
تم اكتشاف الدعم السريع بعد نشوب الحرب على أنه مخطط لإزالة السودان.
من المسؤول من ذلك؟
لا مبرر من أن يظل البرهان قائدا للجيش بعد كل هذه التداعيات. هل لأنه هو الممسك بجميع رؤوس خيوط هذا الجيش؟
تترك كل هذه الأسئلة وتصوب كل أصابع الاتهام لمن يرفض سياسة البرهان؟
تترك كل هذه الأسئلة وتصوب كل أصابع الاتهام لقوى الحرية والتغيير؟
بحجة الوطنية وبحجة دعم الجيش؟
أي وطنية وأي قوة جيش صارت معلقة بيد قائد لا نعلم إلى أين يريد أن يذهب بهذا السودان؟
وهب أن قوى الحرية والتغيير كان موقفها ضبابيا إزاء هذه الحرب.
هل هذا الموقف كفيل بأن تهاجم هي ويترك الفريق البرهان بطل الفلم منذ بدايته؟
ثم ما المانع من أن يغير الجيش قائده أثناء الحرب؟
فقد غير الخليفة الراشد عمر بن الخطاب قائده الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنهما أثناء الحرب. فهل هذا التغيير أقدح من إمكانيات الخليفة أو خالد؟.
نعم الأمر الصحيح أن تأتي مجابهة ومهاجمة من يرفض قيادة البرهان للجيش إذا قام هذا البرهان بإنقاذ السودان من كارثة الحرب حينئذ يحق لكل من كان يقف مع البرهان ان يهاجم من كان يقف ضده.
اما أن البرهان وحميدتي أوقعا السودان في كارثة الحرب، فلا أحد يستطيع أن يستوعب أن يترك الهجوم على البرهان، ويوجه كل الهجوم والانتقاد لمن يشكك في قدرات البرهان.
أقل تقدير للموقف إزاء هذه الحرب هو أن يتغير التقييم لقدرات البرهان.
هو أن يطالب بتغيير البرهان.
فكون البرهان أساء التقدير في تحالفه مع الدعم السريع ضد قوى الحرية والتغيير.
أو تحالفه معها ومع الحرية والتغيير، فهذا يعني أن قدراته دون التحدي الذي يواجه السودان وبالتالي ينبغي المناداة بالتخلص منه.
بدلا من المناداة بالتخلص من وجهة نظر لا تقدم ولا تؤخر في حسم الحرب.