المقالات

محجوب مدني محجوب يكتب:


إن أريد إلا الإصلاح.
كيف يتم الاقتداء بالفريق البرهان؟!
هب أنه أصبح أهل السودان، فوجدوا أن السودان بدون الفريق البرهان.
وهب أنه جاء من بعده مسؤول خلفا له، فنظر هذا المسؤول لسيرة الفريق البرهان؛ ليقتدي بها في إدارة الحكم باعتبارها الشخصية الوحيدة التي تقلدت قيادة البلد منذ سقوط النظام البائد إلى ساعة اختفائه.
فوجد هذا المسؤول أن شخصية الفريق البرهان تظهر ولاء منقطع النظير لبلده السودان.
تظهر تقديرا وتعظيما منقطع النظير للمواطن السوداني..
فجلس المسؤول عاكفا في الملفات التي تتعلق بالحكم إبان فترة ما بعد سقوط النظام البائد رابطا إياها بالعزة والنصر التي ينادي بها الفريق البرهان.
حيث لم يبد الرجل منذ توليه قيادة البلد أي ولاء لأي جهة سوى ولائه للسودان وأهله.
لم يظهر بحزب معين.
لم يظهر بحركة معينة.
لم يظهر بجهة أيا كان نوعها وانتماؤها.
ظهر الرجل بكل حالاته بأنه ممثل للسودان وأهله.
بهذا التقييم بدأ ينظر المسؤول الذي خلف الفريق البرهان إلى الملفات التي تركها، فوجدها سبعة ملفات على النحو التالي:
١) ملف النظام البائد.
٢) ملف ثورة ديسمبر.
٣) ملف الدعم السريع.
٤) ملف قوى الحرية والتغيير.
٥) ملف السياسة الخارجية.
٦) ملف إسرائيل.
٧) ملف الحرب.
فحينما اطلع الرجل على الملفات ظهرت له أحداث وتفاصيل هذه الملفات وهي لا تنفي ولا تثبت ولاء الرجل للسودان وأهله.
فإن أراد أن يجعل من الملف رقم (١) دليلا على ولاء الرجل للنظام البائد، فسوف يفاجئه الملف رقم (٢) بأنه لا علاقة للرجل إطلاقا بالملف رقم (١).
وإن أراد الرجل أن ينفي ارتباطه بالملف رقم (٣) وجد أن هذا الملف لم يقو ولم يشتد ساعده إلا به.
وحينما نظر إلى الملف رقم (٤) وجد أن هذا الرجل ينفي عن هذا الملف أي قيمة أو أي تقدير له، وبالرغم من ذلك وفي ذات الوقت جلس معه في بداية عهده به في (الوثيقة الدستورية) وجلس أيضا معه في نهاية عهده به في (الاتفاق الإطاري) فلم يعرف هل هذا الجلوس في الحالتين( الأولى والأخيرة) هل هو بسبب أنه لم يجد بديلا له؟
أم أنه بسبب أنه مضطر للجلوس معه؟
وحينما نظر إلى الملف رقم (٥) وجد أن هذه السياسة لا يريد أن يخسرها الرجل، ولا يريد أن يكسبها، فحينما تعترض عليه الدول الخارجية على أي سياسة نفذها يقوم بنفيها.
فهو لم يقرب قط النظام البائد، وهو لم يبعد قط رموز الثورة، وهو لم يطمع قط في استلام السلطة.
وحينما تريد منه أن يطبق السياسة التي تنشدها وتريدها، فهو لم يطبق منها بندا واحدا، فهو لم يعمل على تهيئة المناخ الانتخابي، وهو لم يعمل على محاسبة من قتل وجرح في مظاهرات الشارع السوداني.
وهو لم يقدم رموز النظام البائد إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولم يصدر في حقهم أي حكم سوداني.
وفي ذات الوقت لم يقل بأنهم أبرياء.
فإن قلت أنه يريد أن يرفض الخط السياسي الخارجي للبلد لن تجد خطوة واحدة تثبت هذا الرفض.
وإن قلت أنه يريد أن يقبل الخط السياسي الخارجي للبلد لن تجد خطوة واحدة تثبت هذا الخط.
وصلت الحكومة الأثيوبية إلى مرحلة الملء الثالث لسد النهضة، وإلى الآن لم يعرف هل الموقف السوداني مع الموقف المصري أم هو مع الموقف الأثيوبي أم يرفضهما معا وله رؤية ثالثة.
ففي كل مرة يظهر بموقف يوحي بموقف من هذا المواقف الثلاثة دون أن يثبته او يصر عليه.
وحينما نظر إلى الملف رقم (٦) وجد أن الرجل ليس له اعتراض من حيث المبدأ للجلوس مع الطرف الإسرائيلي، فقد نسق وجلس معه إلا أن هذا الجلوس لم يعكس قبولا أو رفضا من الطرف الإسرائلي.
فالقبول يعني دعم سياسة الفريق البرهان، فلم يظهر دعما واضحا له من الجانب الإسرائيلي إزاء أزماته السياسية أو العسكرية التي مر بها خلال هذه الفترة ولا حتى الاقتصادية.
كما لم يوجد موقف معادي واضح للجانب الإسرائلي في كونه وقف معاديا له إزاء هذه الحرب مثلا.
وحينما نظر إلى الملف رقم (٧) فوجد أن هذه الحرب التي مضى على عمرها الخمسة شهور، فلو كانت هذه الحرب جنينا في بطن أمه لتأكد الطبيب أن هذا الجنين حي أم ميت لتأكد الطبيب بأن هذا الجنين معاق أم سليم لتأكد الطبيب بأن هذا الجنين واحد أم توأم لتأكد هذا الطبيب أن هذا الجنين ذكر أم أنثى.
إلا حرب الفريق البرهان، فلم يعرف كنهها بعد خمسة شهور هل يسعى فيها الرجل للحرب أم للسلم؟
لم يعرف هل يسعى فيها للحسم أم للتفاوض؟
لم يعرف هل يسعى لانتهائها أم أنه يسعى لطول أمدها؟
وهكذا وجد المسؤول نفسه أمام ملفات الفريق البرهان السبعة في حيرة من أمره.
فهو إن قبل بموقف الملف وجد نصفه الآخر يناقضه.
وإن رفض موقف الملف وجد نصفه الآخر يناقضه.
فلم يعرف هل يأخذ بهذه الملفات أم يتركها.
فهو إن أخذها، فسوف يجد أنه من ناحية أخرى سوف يتركها.
وإن تركها، فسوف يجد أنه من ناحية أخرى سيأخذها.
فهو إن ترك ملف النظام البائد، فسوف يجد نفسه أنه يأخذ ملف الثوار والعكس صحيح.
وإن ترك ملف الدعم السريع، فسوف يجد أنه قد ترك أغلب جنوده؛ لأنه كان يحفزهم ويحببهم فيه، وكل من كان يرفضهم ويكرههم أزاله من الوجود.
وإن أخذ ملف قوى الحرية والتغيير وجد نفسه ضد رموز النظام البائد والعكس صحيح.
وإن ثبت الحكم العسكري، فسوف يجد نفسه نفى الحكم المدني، والعكس صحيح.
وإن طبق أجندات العالم، فسوف يجد نفسه بلا أجندة، وإن لم يطبقها سوف بجد نفسه أنه مرفوض.
وإن قبل بشروط الجانب الإسرائيلي، فسوف تظهر نتائج هذا القبول على الواقع، وإن رفضها، فسوف تظهر نتائح هذا الرفض على الواقع، وبما أنه مرعوب من كلا الظهورين، فقد عمل على قبول الجانب الإسرائيلي ورفضه معا.
بحيث إن وجد الجانب الإسرائيلي أملا في القبول أظهر له الفريق البرهان الموقف الآخر، وإن وجد يأسا من القبول أوجد له الموقف الآخر.
وعليه لم يجد هذا المسؤول ملفا واحدا من هذه الملفات السبع يمكن أن يقتدي ويسترشد به من سيرة الفريق البرهان، وذلك من أجل أن يعينه في إدارة حكم البلاد.
حيث وجد في وقت واحد كل الحيثيات أمامه.
وجد القبول ووجد الرفض.
وجد القديم ووجد الجديد.
وجد العدو ووجد الصديق..
وجد المدنية ووجد العسكرية.
وجد العالم الخارجي ولم يجده.
وجد السلم ووجد الحرب.
إن كان الاضداد ممكنا، فسوف يكون الاقتداء بسيرة الفريق البرهان ممكنا.
وإن كان من مهارة وميزة يتصف بها الرجل، فهي قدرته الفائقة إلى ممارسة سياسة القبول والرفض في آن واحد.
فمن أراد أن يكون متناقضا، فعليه بسياسة الفريق البرهان، فلن يجد سياسة في الوجود متناقضة مثل سياسته.
وإن أراد أن يكون له موقفا واضحا ومحددا إزاء هذه الملفات السبع، فليبحث له عن قدوة أخرى غير الفريق البرهان.

 

 

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp محجوب مدني محجوب يكتب:





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى