المقالات

محجوب مدني محجوب يكتب:


إن أريد إلا الإصلاح.
خبر الغد ليس مجانا، وإنما غاليا.
المعنى الشائع لدى الناس إزاء اكتساب المعلومة الصحيحة هو أنه لا ينبغي أن يتعجل الإنسان على معرفتها، فغدا سوف تظهر هذه المعلومة وبالمجان.
وما علم هؤلاء أن ظهورها ليوم الغد تأتي معه أرتال من النتائج والعواقب.
التظاهر بالحصول على أمر ما لا يفيد في شيء
بل بالعكس ستكون عواقبه وخيمة.
منذ أن بدأت هذه الحرب والشعب السوداني يتنقل معها من ألم إلى ألم من حزن إلى حزن من خسارة إلى خسارة من فقدان إلى فقدان.
فها هو الفريق البرهان يغادر الخرطوم بعد أن تركها خاوية على عروشها.
بعد أن تركها والدانات تتقاذفها من كل جانب.
لم يخرج سعادة الفريق البرهان من الخرطوم خروج المنتصر.
بل جلس على أطلالها يحتسي القهوة، وكأنه خرج من فلم سينمائي بقاعة الصداقة.
هذه الحرب التي أخذت تحرق في هذا الشعب السوداني بأيدي أبنائها لم يحرك في هذا الرجل ساكنا.
خرج من الخرطوم ولم يخرج خروج المحارب.
كما أنه لم يخرج خروج المسالم.
فالمحارب لا يخرج ويترك المعركة خلفه إلا إن كان ينوي على شيء.
والمسالم يصرح بأن الحرب لا طائل من ورائها، وحتى يزعزع الفريق البرهان الناس كعادته تجاه هذا الرأي أخذ يتحدث ومنذ خروجه من الخرطوم بأنه هو رجل الحرب سواء في لبسه أو خطابه أو لقاءاته.
ترك الفريق البرهان الأمر هكذا مثل كل مرة لأهل التحليل والاستنتاجات؛ ليعيش الناس على هذه الحال فترة من الزمن ثم بعد ذلك يخرج لهم بمشهد آخر يحتمل كل الاحتمالات.
فكل مواقف هذا الرجل تناقض بعضها.
لا تعرف الفريق البرهان هل هو ضد الثورة حينما ترك مجزرة القيادة العامة لمجرد لجنة لم ترفع حتى تقريرا عنها؟
أو هو مع الثورة حينما عقد اتفاقاته مع قوى الحرية والتغيير.
لا تعرف الفريق البرهان هل هو مع النظام البائد حينما قربه إليه بعد انقلاب الخامس والعشرين؟
أم هو ضده حينما استثناه من الوثيقة الدستورية؟
لا تعرف الفريق البرهان هل هو مع قوى الحرية والتغيير حينما تحالف معها؟
أم هو ضدها حينما رفض التوقيع على (الاتفاق الإطاري).؟
لا تعرف الفريق البرهان هل هو مع الدعم السريع حينما رفعه في عنان السماء؟
أم هو ضده حينما رفض اتفاقه مع قوى الحرية والتغيير.
لا تعرف الفريق البرهان في هذه الحرب هل هو منتصر أم منهزم؟
هل هو محارب أم مفاوض؟
هل هو يريد أن يحسم المعركة أم يريد أن يطيل أمدها؟
بل هل هو حريص على حقن دماء السودانيين من الطرفين أم أنه يريد أن يقضي على هذا الشعب السوداني؟
كل هذه الأسئلة المتناقضة تجدها حاضرة وبقوة في كل مرحلة من مراحل تولي الرجل للمشهد برمته منذ اندلاع الثورة.
فمن يظن أن هذه السياسة سنحصل بها على نتيجة، فهذا أشبه بمن يغدو ويروح من البحر ظنا منه بأن هذا الغدو والرواح سيعلمه السباحة.
ظنا منه بأن هذا الغدو والرواح سيجعله خبيرا بأسرار البحار.
سيكتشف الناس غدا أن هذا الغدو والرواح لا فائدة من ورائه.
ولن يقف الحد عند هذا الاكتشاف، وإنما سيجدون معه أنهم خسروا وقتهم وجهدهم والأغلى من ذلك سيجدون أنهم  فقدوا بلدهم.

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp محجوب مدني محجوب يكتب:





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى