أخبار السودان

لماذا قبل الفريق البرهان ب(الفلول) بينما رفض (قوى الحرية والتغيير)؟.


 

ما السبب الذي جعل الفريق البرهان يرفض (قوى الحرية والتغيير)؟
الأمر الذي جعله كلما يدخل معهم في اتفاق يحاول أن يخرج منه بأي طريقة وبأي ملعوب.
السبب الظاهر لهذا الرفض ل(قوى الحرية والتغيير) من قبل الجيش هو:
أن هذه القوى تمثل ذراعا من أذرعة التدخل الخارجي في البلد.
السبب الثاني هو أن هذه القوى لا تمثل شرعية دستورية في سيطرتها على السلطة.
السبب الثالث هو أن القوى ليس لها تفويض من الشعب كما أنها لا تمثل أغلبية هذا الشعب.
هذه الأسباب موضوعية ولا يمسها أي طعن إلا أن هذه الأسباب ليست هي الأسباب الحقيقية التي جعلت الفريق البرهان يرفض هذه القوى ويعول على (الفلول).
يكشف ذلك التناقض الذي يقع فيه.
فبالنسبة لكون (قوى الحرية والتغيير) سلمت رقبتها للدول الخارجية، فسعادة الفريق لم يسلم رقبته فقط بل سلم نفسه كلها لهذه الدول، ولم نجده يقف صلدا أمام تدخل هذه الدول الخارجية في شؤون البلاد سواء من الجارة مصر ومرورا بكل الدول الأخرى إلى العدو الإسرائيلي.
وأما كون هذه القوى لا تمثل الشعب، فلم نجد خطاب السيد الفريق البرهان حريصا على مصلحة هذا الشعب بل لم نجده يحترم عقلية هذا الشعب أو يقدرها، وذلك من خلال تلاعبه  واستخفافه بمصالحه وخدماته.
فإن كانت هذه الأسباب ليست الأسباب الحقيقية، فماهي الأسباب التي جعلت الفريق البرهان يعول على (الفلول) ولا يعول على (قوى الحرية والتغيير)؟
السبب هو أن للجيش بزة عسكرية لا يريد أن تحرمه هذه البزة من ممارسة العمل السياسي، فهو مع القيام بواجبه العسكري لا يريد إطلاقا أن يفارق أروقة السياسة. هذا الجنوح له عدة أسباب لعل أهمها:
تاريخ السودان الذي يكاد في مجموعه عبارة عن حكم عسكري، فهو لا يستبعد الحقل السياسي عنه إطلاقا بل يرى أنه أحق به من غيره ما دام أن المكون العسكري كان له نصيب الأسد من الحكم في السودان.
السبب الثاني الذي يشجع الجيش ألا يتردد في استلام السلطة في البلاد هو ضعف المكون المدني وعدم وجود له أي مؤسسات تحميه.
السبب الثالث وهو الأهم هو أن من يستولى على السياسة في البلد فسوف يكون هو المتسيد على جميع إمكانيات وثروات البلد  من الألف إلى الياء ودون أدنى استثناء.
لكل هذه الأسباب ويضاف إليها تطويع بعض النخب السياسية المدنية لصالحه جعلت الجيش يضع نقطة الحصول على السلطة هدفه الأساسي، ومن ثم جعل كل الأحداث والمستجدات تصب في صالحه سواء بصدق أو كذب.
سواء بخداع أو أمانة.
سواء بحفظ أهداف الثورة أو بنسفها.
تعامل مع هذه البزة العسكرية كل من (الفلول) وقوى الحرية والتغيير تعاملا مختلفا.
(الفلول) عرض نفسه للجيش على أساس أنه سوف يقبل هذه البزة العسكرية التي لن تترك السلطة.
ولم يعرض (الفلول) هذا العرض حبا في الجيش بل لأنه لم يجد في الساحة نصيرا له غيره.
وإلا فهم أكثر فئة كانت تدعو للحكم المدني والديمقراطي بعيدا عن الجيش إلا أنهم كما يقولون هم أن لكل مرحلة حساباتها المختلفة.
أما (قوى الحرية والتغيير) فقد كان موقفها واضحا، ولم تداريه بل ظهر كشعار من شعاراتها، وكمبدأ من مبادئها حيث أعلنت أنه لا مكان للبزة العسكرية في الحكم.
لا بد أن تتفرغ هذه البزة لعملها العسكري والعسكري فقط.
وتعتبر أنه إذا جاءت جهة وجعلت هذه البزة العسكرية تمارس العمل السياسي، فهذه الجهة بلا شك ستمثل خطرا على الحكم، وسوف تكون بمثابة الغاصبة للدولة.
وهكذا سلك الجيش تجاهه وفقا لهذه المعطيات.
كما سلك (الفلول) و(قوى الحرية والتغيير) سلوكا يتماشى مع رغباتهما وأهدافهما.
وبالنسبة لموقف الجيش بقيادة البرهان من (الفلول)، فهو لم يبتعد عنهم إطلاقا إلا ابتعادا تكتيكيا، وذلك خوفا من أن يقال عنه أنه ضد الثورة أو خوفا من أن يفقد  تأييدا دوليا يكيد العداء (للفلول).
وبنفس القدر كذلك لم يقترب من (الحرية والتغيير) إطلاقا إلا بالمقدار الذي لا يقال عنه فيه أنه ضد الديمقراطية وضد المدنية.
فرغبة الجيش أن يحكم، ويسعى لذلك تحت بزته العسكرية.
هذا السعي وجد هوى عند (الفلول) بينما ظلت (قوى الحرية والتغيير) تناهضه وتهاجمه بل تذهب هذه القوى إلى أبعد من ذلك، فهم حينما يتكلمون عن الحكم يشترطون ابتعاد الجيش عنه تماما.
أما موقف (الفلول) من هذه البزة العسكرية هي التي جعلت الفريق البرهان يحوم حولهم سواء بانقلابه في الخامس والعشرين في أكتوبر أو برفضه ل(لاتفاق الإطاري).
وبسبب ذات هذه البزة العسكرية هي التي جعلت الجيش يتنصل من كل اتفاق يبرمه مع (قوى الحرية والتغيير) لا لشيء إلا لأن هذه القوى لا تقبل إطلاقا بوجود هذه البزة في الحكم.
إن إظهار البزة العسكرية برغبتها في استلام السلطة هو بمثابة تشخيص الأزمة الذي يعتبر أكبر جزء في الوصول لدائرة الحل كما أن التغبيش وتغليف الأهداف هو أكبر جزء يبعد عن دائرة الحل.

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp لماذا قبل الفريق البرهان ب(الفلول) بينما رفض (قوى الحرية والتغيير)؟.





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى