لجان التقصي.. اختبار الشفافية والجدية .!
تقرير: محمد جمال قندول
لا تزال تداعيات احداث الاقتتال القبلي الذي اندلع قبل يومين بولاية النيل الازرق بين قبائل الانقسنا والهوسا مستمرة، وامتدت لتشمل ولايات اخرى على غرار كسلا والتي شهدت ظهر امس الاثنين احداثاً مؤسفة وذلك باحراق جزئي لامانة الولاية عوضاً عن احداث سقط على اثرها ثلاثة قتلى، وفي الخرطوم وجه مجلس الامن والدفاع النائب العام بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في احداث الروصيرص واتخاذ اجراءات قانونية ضد مثيري الفتنة والمحرضين على اعمال العنف عوضاً عن دفع الجيش بتعزيزات امنية للتعامل الحازم والفوري مع كل حالات التفلت والاعتداءات على الافراد والممتلكات الخاصة .
تشكيل لجنة من النائب العام بعد توجيه من مجلس الامن والدفاع فتح مجدداً التساؤل حول مغزى تشكيل اللجان وهل بالامكان ان تقدم حلولاً ناجعة ام تسهم في تعقيد المشهد مع ضرورة التركيز على مصير اللجان السابقة التي شكلت في احداث مشابهة خلال الاربع سنوات الاخيرة وتحديداً منذ ابريل 2019 هل ادت غرضها وكانت شفافة ام ان تشكيل اللجان محاولات لحفظ ما وجه الدولة .
(1)
ومنذ السبت استيقظ السودانيون على ازمة قبلية جديدة بين قبيلتي الانقسنا والهوسا باقليم النيل الازرق خلفت 65 قتيلاً والعشرات من الجرحى وامتدت اثارها لولايات اخرى على غرار ما شهدته ولاية كسلا امس من احداث عنف قبل ان تسيطر الاجهزة النظامية على الامن قبل ان يتم عقد اجتماع طارئ برئاسة الوالي ولجنة امن الولاية تقرر على اثرها حظر وتقييد التجمهر والمواكب بالطرق والاماكن العامة لاحياء كسلا .
في وقت انتشرت فيه قوات نظامية مشتركة لحفظ الامن بمدينة الدمازين بصفة خاصة واقليم النيل الازرق بشكل عام فيما حذر رئيس اركان القوات المسلحة السودانية مثيري الفتن وقال بانه لا تفريط بأمن البلاد ولا في تماسك الجيش مؤكداً ان جهودهم ماضية لاحتواء الموقف بالتنسيق مع لجان الامن، وفي ذات السياق دعا المجلس الاعلى للادارات الاهلية الى نبذ العنف والاحتكام لصوت العقل .
(2)
وتشكيل لجان تقصي حقائق ليست بالجديدة او الامر الذي يجد التفاعل بل تتم مقابلة تشكيل اي لجنة لهكذا احداث بنوع من البرود وذلك من خلال تجارب سابقة يتم اعلان تشكيل لجنة تقصي ثم تتلاشى وفي عهد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك اصدر الرجل قرارات كثيرة بتشكيل لجان لاحداث عديدة غير ان مخرجاتها لم تر النور او تعانق الراي العام ولعل تجربة لجنة فض الاعتصام برئاسة نبيل اديب ليست بالبعيدة او الغريبة .
وفي منصات التواصل الاجتماعي التي باتت تيرموميتر تشكيل او دراسة الراي العام بدا واضحاً الغضب تجاه التحرك البطيء من قبل المسؤولين باحتواء الموقف حتى امتد لـ تطال ولايات اخرى مثل كسلا فيما لم يجد امر تشكيل لجنة تقصي حقائق اي رد فعل سواء اكان ايجابياً او سلبياً هو ما يعكس بوضوح ان ثمة ازمة ثقة بين العوام وقرارات تشكيل لجان التقصي .
(3)
المحلل السياسي عبد الرحمن خريس يرى انه من الضرورة تشكيل لجنة لامر وفاجعة كهذه من قبل السلطات خاصة وان البلاد بمرحلة انتقالية تتطلب الشفافية واضاف خلال افادته بان الظرف السياسي مختلف عن سوابق تم تشكيل لجان فيها وذلك من واقع هيمنة القوات المسلحة على ادارة البلاد وبالتالي من مصلحتها ان تكشف الحقائق للراي العام والعمل على احتواء الخلافات .
وعن جدوى تشكيل لجان يقول خريس فوائدها من عدمها تتوقف على الاهداف والمقاصد النهائية للحكومة في امكانية جديتها وعليها ان تدحض ذلك من واقع الشفافية بمعرفة وتقصي الحقائق التي قادت الى هكذا احداث .
وبالمقابل فان الخبير الامني والاستراتيجي د.خليفة البرير يرى ان تشكيل لجنة تقصي حقائق مهم جداً وذلك لحفظ الحقوق قانونياً ولكنه عاد وقال بان الوضع الراهن يتطلب فرض هيبة الدولة ثم ترتيب الاحوال واستدامة الامن وتأمين مأوى للنازحين ومن ثم يأتي عمل اللجان،
البرير استرجع تجارب اللجان التي شكلت من قبل واشار الى انها لم تأت باي حلول مستشهداً بلجنة فض الاعتصام وغيرها من التجارب السابقة التي كانت محصلتها صفراً، داعياً في ذات الوقت لضرورة احتواء الموقف والعمل على استدامة الامن وعدم انزلاق البلاد الى اتون الفوضى
وقطعاً سينتظر الكثيرون ما ستخرج به لجنة تقصي الحقائق من نتائج وذلك في اطار معرفة اوجه الخلل والاسباب التي ادت الى فاجعة اقليم النيل الازرق ويرى مراقبون بان تحقيق الشفافية بعمل اللجان وكشفها للراي العام ضروري، وذلك لتفادي اي سيناريوهات مشابهة مستقبلاً وطالبوا الحكومة بضرورة ان تتقصى اللجنة كذلك ان الذين يثيرون الفتن بمواقع التواصل الاجتماعي ومباشرة الاجراءات القانونية ضدهم خاصة وان البلاد لا تحتمل ازمات جديدة وان المشهد السياسي بالبلاد محتقن مطالبين كذلك القوات النظامية بضرورة فرض هيبة الدولة وان يزور المسؤولون الاقليم وذلك لمعرفة الحقائق على ارض الواقع .