كم هو كبير الفرق بين القضاء على المدنية، والقضاء على العسكرية في بلادي!!!
من أكبر الدلائل على هشاشة مؤسساتنا المدنية.
ومن أكبر الدلائل على أنها ضعيفة كل الضعف هي عدم مقاومتها لحكم العسكر في بلادنا.
صحيح نهضت ثورات جبارة في عصرنا الحديث بدءا بأكتوبر ثم بأبريل وليس انتهاء بثورة ديسمبر إلا أن تكوين الثورات يحتاج إلى وقت.
تحتاج هذه الثورات إلى عوامل تشكيل قد تصل إلى مقدار وقت جيلين أو ثلاثة.
أما قوة المدنية عبر المؤسسات، فهي صفرية.
وتحفز كل أعدائها بألا يلقوا لها بالا أو يهتموا بها.
قارنوا بين الانقلاب على هذه المدنية في الخامس والعشرين من أكتوبر عبر الفريق البرهان حيث لم يستغرق ذلك سويعات كما أنه لم تعطل بسبب هذا الانقلاب أي حركة ولم تطفأ إشارة مرور واحدة.
سوى أن الحكومة قامت فقط احتياطا واحترازا بقطع شبكة الانترنت، وحتى هذا الانقطاع تم بسلاسة وبسهولة تامة حيث لم يستغرق من هؤلاء الانقلابيين سوى التنسيق مع شركات الاتصالات والتي استجابت بكل رحابة.
وفي لحظة مروا على رموز هذه المدنية وتم اعتقالهم، وأعلنوا عبر وسائل الإعلام التي هي كذلك لا يحتاج الأمر معها لكبير عناء حيث تم تبديل إدارة (لقمان) بإدارة (البزعي).
لا وأكثر من ذلك حيث ظهر رموز هذه المنابر الإعلامية ليعلنوا أن (خالد سلك) وجماعته تم القبض عليهم في قضايا جنائية هكذا بكل بساطة.
وسكت الشعب الذي اعتاد على تخزين هذا السخف.
وبعد عدة أيام أفرجوا عن هؤلاء (القحاطة) كما يحلو لهم أن يسموهم دون ذكر أو حتى إشارة إلى تلك التهم التي دخلوا السجن بسببها، وذلك باعتبار أنهم لا خطر يخشى عليه منهم، وباعتبار أن الشعب فاقد للذاكرة لا يتذكر اليوم ما قيل له بالأمس.
وتم أيضا تسويق هؤلاء (القحاطة) أنفسهم ل(لاتفاق الإطاري) وبذات أجهزة الإعلام من جديد تم تلميعهم.
لم توجد في البلد مؤسسة واحدة مدنية تقول لهؤلاء العصابة الانقلابية (تلت التلاتة كم).
أما حينما تتحدث الذخيرة في بلادنا، فإن الأمر يكون مختلفا ومختلفا جدا، فنفس هؤلاء الانقلابيين حينما أردوا أن يتخلصوا ممن حمل ضدهم السلاح، وإن كان من حمل هذا السلاح في وجههم لا يساوي شيئا بالنسبة لقوة الجيش لا عتادا ولا شرعية إلا أنه دخل هذا الصراع الشهر وإلى الآن لم يتخلص منه.
دخل هذا الصراع تكملة الشهر، وأصبحت الخرطوم ليست كالتي غنى لها البلبل المرحوم سيد خليفة ب(يا الخرطوم العندي جمالك) حيث أصبحت هذه الخرطوم بعبعا يخيف الجميع حينما اشتبكت الأسلحة فيما بعضها البعض.
أما حينما تشتبك الأسحلة مع القوى المدنية،فليست هناك أي تكافؤ بين القوتين وإن كانت هناك ثمة رجعة عن القضاء على القوى المدنية، فسوف تكون بسبب ضغوط خارجية فقط أما أن يتم اعتبار لها، فلا يوجد أدنى اعتبار لهذه القوى المدنية في بلادنا.
ومن أراد أن يتعرف على حجم القوى المدنية، فلينظر إلى الصراع الذي دار بين الأطراف في الخامس والعشرين من أكتوبر، ولينظر للصراع الذي دار بين الأطراف في الخامس عشر من أبريل السابق.
اللهم نسألك أن تضرب الظالمين بالظالمين وان تخرجنا منهم سالمين.
اللهم أنت تعلم ضعفنا، فانتقم لمن أوردنا هذا الضعف بقوتك وبجبروتك وبعظمتك فأنت الملك ولا ملك غيرك، وأنت القادر ولا قادر غيرك، وأنت القوي ولا قوي غيرك.