فلسفه الحرب والسلام من منظور اقتصادي و أخلاقي
ظِلَال القمــــــر
عبدالرحمن محمـــد فضــل
افتتح مقالي هذا بقول الشاعر علي الجارم
إنما الحرب لعنة الله في الأرض ** وشر بمن عليها أريدا
ذكرتنا جهنما كلما ألقي ** فوج صاحت تريد المزيدا
أمم تلتقي صباحا على الموت ** لتستقبل المساء همودا
شهوات تدمر الأرض كي تحيا ** وتجتاح أهلها لتسودا
قد رأينا الأسود تقنع بالقوت ** فليت الرجال كانت أسود.. “انتهي قوله”
ما أقبح الحرب وفحيحها وما اجمل السلام وأمنه ونمائه وبناءه وتعميره ورخائه إن
المتابع لقرع طبول الحرب الروسية الأوكرانية يجد انه في بداية الحرب لقد غلب على ظن المواطن الروسي أن بلاده ذهبت نحو حرب سريعة خاطفة ومضمونة لتحقيق أهداف محددة مثلما حدث ذلك من قبل في حرب جورجيا في العام 2008 بينما كانت التوقعات على المستويين العسكري والدبلوماسي تتراوح بين نصر خاطف لا يحتاج سوى ثلاث أو اربعة أيام كما قال ذلك سياسي روسي في جلسة مغلقة جمعته مع دبلوماسيين أجانب في بداية الحرب أو أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على أبعد تقدير وفقا لتكهنات محللين عسكريين في ذلك الوقت.
فكرة «النصر الخاطف» استندت إلى قناعة بأن معنويات الرئيس الأوكراني” فولوديمير زيلينسكي” القادم إلى السياسة من عالم العروض الهزلية والتمثيل سوف تنهار سريعا أمام ضخامة الهجوم الروسي من أربعة محاور شمالا من بيلاروسيا ومن جهة الغرب برا وجنوبا من شبه جزيرة القرم ومن البحر. كان يمكن لفرار الرئيس الأوكراني” زيلينسكي” بعد تلقيه عروضا غربية بتوفير ممر آمن له ولأفراد عائلته أن يوفر مجالا سانحا لانهيار أركان قيادته والدفاعات الأوكرانية كلها في المدن الكبرى لكن هذا السيناريو لم يتحقق بل الصمود والتحدي والوقوف بصلابة دفاعا عن ارضه رفع الروح المعنوية لمقاتليه ومواطنيه ضد الغزو الروسي لوطنهم أوكرانيا.
تظل الحرب هي الحرب مكلفة مرهقة مدمرة باهظة التكاليف حيث تشير التقديرات الي تكلفة العملية العسكرية في حرب “روسيا-اوكرانيا” تقدر بنحو 900 مليون دولار يوميًا خلافا للخسائر الناجمة عن العقوبات الاقتصادية وفي مقابلة مع مجلة “نيوزويك” الأمريكية عدد رئيس تحرير موقع “سوفريب” المعني بالشؤون العسكرية “شون سبونتس” العوامل التي أدت إلى تكبد روسيا هذا الثمن الباهظ والتي كان أبرزها دفع رواتب الجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا وتزويدهم بالذخائر والمعدات والصواريخ وتكلفة إصلاح المعدات العسكرية التالفة او المفقودة وأوضح “سبونتس” أن على روسيا أيضًا أن تدفع مقابل آلاف الأسلحة الضرورية وصواريخ كروز التي تم إطلاقها خلال الحرب والتي يبلغ ثمن كل واحد منها حوالي 1.5 مليون دولار
وأشار إلى أن هذه التقديرات لا تأخذ في الاعتبار مقدار الخسائر المالية التي تكبدتها روسيا جراء العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضت عليها بعد بدء العملية العسكرية في 24 فبراير الماضي.
ومن الاخطاء الفادحة في ظني هو دعم أوكرانيا بالسلاح من قبل الغرب وذلك بدون ادني شك سوف يُطيل أمد الحرب ولن يجعل أوكرانيا تنتصر بل سوف يدمر كل بنيتها التحتية ويشرد شعبها كلاجئين في دول الجوار وكنازحين داخل اوكرانيا ونتذكر جيدا ان روسيا عندما أعلنت الحرب قالت إنهاتريدفصل”دونيتسك ولوهانسك”ولو لم يتدخل الغرب لبقي الأمر فقط محصوراً على هاتين المقاطعتين ولكن الأن يتم تدمير أوكرانيا بالكامل.
هل سوف تكون اوكارنيا مثل افغانستان في حقبة الاتحاد السوفيتي او مثل كوبا في حربها مع الولايات المتحدة الامريكية.
يقول عباس محمود العقاد:
قالوا: هي الحرب فصد ** به الشفاء يؤمل
قلنا: نعم فصد عرق ** حي وإغفاء دمل
تظل الحرب مقيته وكريهة بكل كوارثها وفواجعها الانسانية علي الانسان وتدميرها وخرابها للبنية الفوقية والتحتية للمدن والدول اضافة لتداعياتها الاقتصادية والتي تمتد الي خارج دائرتها خاصة في وقتنا الراهن والكل لمس تاثير الحرب الروسية الاوكرانية علي الاقتصاد العالمي… الحرب هي الحرب وبمجرد ان تبدأ اي حرب يظل الكل في ترقب حتي تضع الحرب اوزارها ويبدا الجميع في البحث عن السلام الذي هو الاصل والحرب هي الدخيل الكريه علي الانسان وكما افتتحت مقالي بذم الحرب اختتمه بقول الشاعر
زهير بن أبي سلمى:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم ** وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة ** وتضر إذا ضريتموها فتضرم
فتعركم عرك الرحى بثفالها ** وتلقح كشافا ثم تحمل فتتئم
وهفتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ** كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها ** قرى بالعراق من قفيز ودرهم.
على الإنسان أن يضع حداً للحرب قبل أن تضع الحرب حداً للإنسان…