أخبار السودان

على خلفيَّة تصريحات حميدتي أمس بكرري الخطاب الإعلامي للعسكريين.. إلى أين؟


تقرير: محمد عبد الحميد

موجة إعصار (تسونامي) أولى من خطابات قوية ومتعددة لقيادات عسكرية عليا مرت بسلام حتى الآن، فيما لم تبرح المخاوف وفق مراقبين مكانها من انحراف مسار الفترة الانتقالية إلى صراع عسكري، في وقت يستمر فيه خلاف القوى السياسية المدنية (المتكالبة) على مائدة السلطة مع بعضها البعض حول من تحق له المشاركة وفق معاييرها، ومن يُذهب به إلى مقاعد (المتفرجين) هناك مع القوى السياسية المخالفة. فالشارع المغلوب على أمره مازال يترقب تدخل (الحكماء) لإصلاح ما أفسده (العُملاء) كما يقولون. وطبقاً للمثل القائل: (قبل أن تقع الفأس على الرأس)، فإلى أين يمضي الخطاب الإعلامي للقيادات العسكرية؟
الخلاف مع الجيش
خطاب نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي ألقاه بالأمس على ذمة (السوداني) أمام قوات الدعم السريع المرابطة بمنطقة كرري بأم درمان، نفى فيه تماماً وجود أية خلافات بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. وأضاف موجهاً حديثه لجنوده: (ما تسمعوا الكلام الفي الإعلام ده، نحن ما عندنا أي خلاف مع الجيش، ناس الجيش ديل أخواننا ونحن بنتقاسم معاهم النبقة)، وأكمل مشدداً: (ويا قوة، لو أي واحد من ناس الجيش أداكم كف أدوه خدكم الثاني)، وتابع قائد الدعم السريع شارحاً: (لا يمكن أن نختلف مع الجيش، نحن خلافنا مع الناس المكنكشين في السلطة ديل)، فيما لم يفصح حميدتي عن هوية هؤلاء (المكنكشين).
وفي الشهر الماضي أصدر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وعضوا المجلس السيادي الفريق أول شمس الدين كباشي والفريق أول ياسر العطا، تصريحات في مناسبات متعددة من جنوب كردفان ونهر النيل، أكدوا خلالها ضرورة أن يتم دمج قوات الدعم السريع في الجيش القومي، حسب ما هو منصوص عليه في الاتفاق الإطاري الذي وقعوا عليه مع القوى السياسية المدنية.
وفي المقابل يؤكد رئيس حزب الوسط د. لؤي عبد المنعم في حديثه لـ (الانتباهة) أمس أنّ قائد الدعم السريع أبدى موافقته على قضية الدمج في القوات المسلحة، لكنه أشار إلى أن استمرار تسليح الدعم السريع وتجنيد القوات قد يجر البلاد إلى مواجهة عاجلاً أم آجلاً، في وقت لن تسمح فيه القوات المسلحة بوجود (جيشين). وقال إن على حميدتي أن يدمج قواته ويشكل حزباً سياسياً وينافس من خلال صندوق الانتخابات، فهو يمتلك المقدرات المالية والاستثمارات التي تؤهله لذلك. وأكد رئيس حزب الوسط أن أي حديث عن جداول زمنية تخص دمج قوات الدعم السريع هو نكوص وخروج عما جاء به الاتفاق الإطاري.
تجنب الصدام
وفي غضون ذلك كشف القيادي بالحرية والتغيير محمد عصمت عن جهود كبيرة متواصلة من قوى التغيير والانتقال المدني لتهدئة الأوضاع بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة، لتجنّب أيّ صدام بينهما قد يقود البلاد إلى مهاوي الضياع، مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة تتطلّب تغليب الحس الوطني حتى يصل (الاتفاق الإطاري) إلى نهايته المرجوة.
وأوضح بحسب (باج نيوز) أن الجيش والدعم السريع طرفان أصيلان في حماية الانتقال المدني خلال المرحلة الانتقالية المقبلة. وتابع قائلاً: (تحالف الحرية والتغيير في لقاءات وتواصل مع الأطراف العسكرية للوصول إلى صيغة تضمن سلاسة دمج الدعم السريع في الجيش، وهي خطوة مرهونة بإجراء إصلاحات هيكلية داخل القوات المسلحة نفسها).
وأبان عصمت أن عملية دمج الدعم السريع في الجيش تحتاج إلى ترتيبات مختلفة ودقيقة، وتحتاج إلى المزيد من التشاور بين أطراف العملية السياسية كافة، على خلاف دمج الفصائل المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام المتفق حولها وفقاً لمواقيت زمنية تم تحديثها في مصفوفة خلال الأيام الماضية.
ولم يخف رئيس حزب الوسط اشفاقهم كقوى سياسية وعدم رضائهم عن وجود جيشيْن رسمييْن، مع وجود عدة جيوش أخرى غير رسمية بالبلاد، وحذر من تأخر رئيس مجلس السيادة في عملية دمج الدعم السريع الذي يفترض أن يتم أولاً، قبل أن يفلت الأمر من يده حسب قوله، ثم من بعد ذلك يتم دمج قوات الحركات. وطالب بجيش مهني قومي غير جهوي وعدم التعنت في تحقيق ذلك، فأي تباطؤ ستقابله دماء أبرياء.
وفي موازاة ذلك أكد نائب رئيس مجلس السيادة لقواته دعمه الديمقراطية والتحول المدني قائلاً: (يا جماعة الديمقراطية سمحة وبتنفعكم انتو ديل، والعالم كله مع الديمقراطية، الأمريكان والأوروبيون وحتى ناس الخليج المشينا ليهم كلهم قالوا لينا شكلوا حكومتكم المدنية حتى ينصلح الحال وتتحسّن الأوضاع، ومن غير حكومة مدنية ما في أي دعم دولي وما في أي مشاريع نهضة تنموية للسودان، وما في إعفاء للديون).

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp على خلفيَّة تصريحات حميدتي أمس بكرري الخطاب الإعلامي للعسكريين.. إلى أين؟





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى