عفواً على العمر اللي ضاع !! – اليوم التالي
مزمل موزارت
_ هنالك خيوط رفيعة جدا دائماً ما تفصل بين المتناقضات كالحب والكراهية وكذلك الجمال والقبح وأيضاً السلام والحرب ، فبكل بساطة قد نقع في المحظور وهماً بأننا نفعل الصواب .. وكما قال المولي عز وجل في كتابه الكريم : ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) صدق الله العظيم …. لذلك قد نتوه في لحظات كثيرة في هذه الحياة وللرجوع يجب مراجعة النفس والإعتراف بالخطأ اولاً لإصلاح ما يمكن أصلاحه ..
_ الزمن المهدر والفشل المستمر والرجوع للخلف كلها قد تكون اسماء لفترة ما بعد ثورة ديسمبر ، وهذا لا يعني اننا ضد الثورة كما يروج لذلك سارقي ثورة الشباب لأي شخص يقوم بإنتقادهم واصفين المنتقدين بأوصاف الفلول و( الكيزان) والإسلاميين ليقين علمهم بأن الشعب قد وصل الي أقصي درجات الكراهية لهذه الفئة التي جثمت علي انفاس الناس لثلاثة عقود ، ليفعلوا هم في بضع سنين مالم تفعله تلك الفئة في ثلاثين سنة !!
_ الوعي بما حولنا هو الطريق الأسلم للمواطن ليعلم من أين يأتي الضرر علي الوطن ، فبقراءة سريعة لمجريات احداث أربع سنوات مرت كالنار في الهشيم علي الشعب السوداني فكم من الوقت الضائع الذي تم إهداره في هذه الفترة ؟ لننظر فقط لطلاب الجامعات وتراكم الدفعات منذ العام 2019 ؟ لننظر الي زيادة معدلات الفقر الواضحة علي أغلب الأسر التي كانت (مستورة) في فترات سابقة ؟ هل لاحظ الناس كمية الطلاب الذين هجروا مقاعد الدراسة في مرحلتي الأساس والثانوي بسبب تدني أحوال اسرهم المعيشية الناتج من سياسات حكومة الأحزاب الأربعة ؟ ؟ ؟ هل شعرنا بالوقت المهدر والضائع بسبب إزالة تمكين الإخوان وإحلال تمكين الأحزاب مكانه ؟ هل كتب علي هذا الشعب التفرج علي منافسة غير شريفة دائمة بين مكوناته السياسية في الصراع علي كراسي السلطة؟؟؟
_ من هو الشخص المسؤول عن ضياع كل هذه الأزمان المهدرة من حياة الشعب السوداني، نريد ان نعرف لكي تتم المحاسبة .. اصبح المواطن السوداني يعيش بلا هدف ولا بلا حكومة وبلا مأوي وبلا وظيفة وبلا مرتب وبلا ادني مقومات للعيش الكريم ؟؟؟
_ هل هذا ثمن خروجنا في ثورة شبابية كانت صادقة جداً من أجل التغيير الديمقراطي المدني نحو بناء وإضاءة آفاق مشرقة للسودان في المستقبل ؟ هل المكافأة كانت في مجموعة من العملاء ممن يجوبون الدول الغربية والعربية بحثاً عن سلطة وكراسي سلطوية بأي ثمن وبكل الطرق المباحة وغير المباحة ؟؟؟
_ وأنا اكتب هذه الأسطر تذكرت مقتطفات للمصري الراحل دكتور مصطفي محمود في مقال نشر له في 1998 تحدث عن حرب الجنوب في السودان وسياسة الولايات المتحدة في تمويل مثل هذه الحروب من أجل تمزيق القارة الإفريقية والإستيلاء بكل دهاء علي ثرواتها وكنوزها كما تحدث ايضاً عن الحرب الصهيونية في فلسطين ودعم امريكا الكامل للكيان الصهيوني في القضاء علي أي مظاهر للعروبة والإسلام في فلسطين وما حولها .. كما أشار مصطفي محمود في مقاله لأحدي خطب نيلسون مانديلا امام الشعب في جنوب إفريقيا قال فيه ان الولايات المتحدة تمارس سياسة تسلط علي كل العالم خصوصاً بعد نجاحها في اسقاط الإتحاد السوفييتي واصبح العالم احادي القطب ، فإنهاك إفريقيا بالحروب وإثقال كاهل دول امريكا اللاتينية بالديون والحوجة وتقزيم دور النمور الأسيوية (ماليزيا ، اندونيسيا وتايلاند وسنغافورة وغيرها) ومحاربتها بكل السبل والطرق من اجل ان تسيطر امريكا وتابعتها اوروبا علي السياسة والإقتصاد في العالم ..
_ من اجمل الأشياء التي تجعلك تستمتع بقراءة كتب دكتور مصطفي محمود هو قراءته الحصيفة لأحداث الماضي وإسقاطها علي أحداث الحاضر وتوقع ما سوف يحدث مستقبلاً بكل منطق وفي الأخير لا يعلم الغيب الا الله.
_ رجال هذه الأحزاب السودانية الذين يتواجدون في عدة دول الآن من اجل إيجاد أي منفذ يعود بهم لقمة هرم السلطة في السودان مجدداً ، يجب ان يعرف الشعب انهم عبارة عن معاول هدم لأمريكا واوروبا من إجل إقعاد السودان وسرقة موارده وإضاعة زمن شعوبه بالحروب والإقتتال والفوضي لسنوات طوال قادمة فهذا هو الأسلوب الإستعماري الجديد ، بدون أي تدخل عسكري أو اطلاق نار بواسطة جيوشهم !!
فقط نكرر السؤال علي عاتق من تقع المحاسبة لضياع زمن الشعب السوداني ؟؟؟
_ ختاماً :
_ عفواً علي العمر اللي ضاع ..
في زحمة الخوف والصراع ، علي شبر واحد ..
وإنت مليون ميل فداك
لا مال بخاوي ولا بداوي ولا بساوي لحظة في حضرة بهاك !!
_ ما نحن منك كلنا ، خالنا وابونا وعمنا واقفين علي الدرب الهناك ،، لملم جراحتنا الزمان وادينا من حضنك ( أمان ) تلقانا قدامك و وراك .