عبد الله مكي يكتب :
اليسار الجزافي ودعم المليشيات والحوافي
*تحليل العنوان :*
*اليسار الجزافي:* مصطلح أطلقه دكتور عبد الله علي إبراهيم على بعض مثقفي اليسار السوداني وذلك في كتابه(صدأ الفكر السوداني).
*المليشيات:* جمع مليشيا(والمعنى واضح) .
*الحوافي:* جمع حافة أو حافي(وصيغة الجمع من عندي)وهو مأخوذ من محاضرة لدكتور عبد الله علي إبراهيم بجامعة أفريقيا العالمية مع صديقه دكتور خضر هارون وكانت بعنوان:(عرب الحافة).
*قصة اليسار مع الجيش*
يسأل كثير من الناس لماذا يُعادي بعض مثقفي اليسار وسياسيه الجيش السوداني، خاصة الذين أطلق عليهم دكتور عبد الله علي إبراهيم مصطلح(اليسار الجزافي)؟
طبعاً لليسار قصص ومواقف مشهورة مع المؤسسة العسكرية، منها أنهم أتوا عبرها بانقلاب مايو1969 بقيادة جعفر محمد نميري، ثم انقلبوا عليها بعد سنتين فقط، فقاموا بمحاولة انقلابية في19 يوليو 1971م ضد نظام النميري، ففشلوا ووقف الشعب مع جيشه ضد(التوجه الأحمر الصارخ) وذلك رغم تحفظ الشعب السوداني وأحزابه على بعض ممارسات النظام المايوي. فشل إنقلاب يوليو 1971 كان سبباً في محاكمات وإعدامات لقيادات من اليسار السوداني وعلى رأسهم قيادة الحزب الشيوعي. ومنذ ذلك التاريخ أصبح ذلك اليسار يُعادي المؤسسة العسكرية، رغم محاولاتهم العديدة للعودة للسلطة عبر ذات المؤسسة(مذكرة القوات المسلحة في فبراير 1989) وإخراج الجبهة الإسلامية القومية صاحبة ثالث كتلة نيابية في البرلمان من حكومة الوفاق الوطني، وتهيئة (الملعب السياسي) لمشروع السودان الجديد يقيادة جون قرنق وتكوين (حكومة القصر) والتي دخلتها أحزاب يسارية ليس لها مقعد واحد في البرلمان بل إن أكبر أحزاب اليسار هو الحزب الشيوعي له مقعدان فقط. ثم الإنقلاب الذي خطط له ضباط حزب البعث في الجيش (انقلاب ال28 ضابط في رمضان 1990).
وذلك ومنذ انقلاب 30 يونيو 1989 يعمل اليسار ضد المؤسسة العسكرية ويدعم كل معارضيها والمتمردين عليها من لدن الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق، إلى قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي كما هتفت لجان مقاومتهم (الرجل الضكران أدّب الكيزان).
*الجيش يُؤذي الإسلاميين*
وإذا كان الأذى من قيادة المؤسسة العسكرية يُؤدي إلى الكيد لها والنيل منها والعمل ضدها، فكان أولى بذلك الحركة الإسلامية والتي تأذت من المؤسسة العسكرية كثيراً، ففي انقلاب مايو 1969 اعتقل ضباط الإنقلاب قادة الحركة الإسلامية قبل رئيس الوزراء ووزير دفاعه في الحكومة المقلوبة، وحاصرت دبابات النظام المايوي بقيادة أبو القاسم محمد إبراهيم طلاب جامعة الخرطوم والذي كان يقود إتحادهم طلاب الإتجاه الإسلامي، وقالوا إن جامعة الخرطوم:(جزيرة رجعية في محيط ثوري هادر). ثم التصدي لثورة شعبان 1973 بقيادة ود المكي، ثم التصدي لانقلاب حسن حسين 1975، وإعدام عدد من شباب الحركة الإسلامية واغتيالهم في أحداث يوليو 1976 وعلى رأسهم حسن سليمان صاحب قصيدة :
قسمات الفجر تتهلل بندى الإسلام تتبلل
والنسم الطيب يتعلل بأريج القرآن الزاكي
وعبد الإله خوجلي شقيق الأستاذ حسين خوجلي (رئيس تحرير صحيفة ألوان)، وعبد الله ميرغني شقيق الأستاذ عثمان ميرغني (رئيس تحرير صحيفة التيار).
وفي الديمقراطية الثالثة رفعت القوات المسلحة مذكرة بقيادة الفريق فتحي أحمد علي، بموجبها خرجت الجبهة الإسلامية من الحكم. وفي الإنقاذ تم اعتقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي و(شيخ الحركة الإسلامية) مدة خمس سنوات، وتم حل حزبه وإيقاف صحيفته وإغلاق دوره واعتقال قياداته العليا والوسيطة وحتى العضوية. وبعد ثورة ديسمبر 2018 ساهمت المؤسسة العسكرية في نهاية حكم الإنقاذ وشاركت وسكتت عن اعتقال قيادات الإنقاذ العسكرية والمدنية، وكذلك تجاوزات لجنة إزالة التمكين غير القانونية في الإعتقال ومصادرة الأموال والممتلكات وتشويه السمعة.
ورغم ذلك لم تُناصب الحركة الإسلامية يوماً القوات المسلحة العداء، بل دائماً تكون السند والعضد لها خاصة في وقت المحن والشدائد وعندما تتعرض للغدر والخيانة والمؤامرات من الداخل والخارج، وذلك لإيمان الحركة الإسلامية بأن القوات المسلحة السودانية هي صمام الأمان لهذه البلاد وحفظها من التشتت والإنقسام، والمحافظة على وحدة ترابه وأراضيه.
فدعونا نُجري مقارنة بين موقف اليسار الجزافي والإسلاميين من القوات المسلحة في موقفين مهمين: أولاً: في قتالها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق. وثانياً: في قتالها الدائر الآن مع قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.
*اليسار مع الحركة الشعبية وضد الجيش*
في انتفاضة رجبأبريل 1985 قررت الجبهة الإسلامية القومية من ضمن برنامجها العام وخطها السياسي دعم القوات المسلحة، وذلك بعد تصعيد الحركة الشعبية بقيادة قرنق لعملياتها العسكرية ومحاولتها إجهاض التجربة الديمقراطية سياسياً بعدم مشاركتها في الإنتخابات وعسكرياً بإسقاط المدن وقانونياً بالدعوة لإلغاء الشريعة الإسلامية وتجميد الحدود وخارجيا بإلغاء اتفاقيات الدفاع المشترك مع مصر وليبيا، فكانت الجبهة لهم بالمرصاد :
يقول الأستاذ المحبوب عبد السلام في كتابه (الحركة الإسلامية السودانية: دائرة الضوء وخيوط الظلام): ” بعد تأسيس مكاتب الجبهة الإسلامية التنفيذية ومجالسها الشورية في المركز والولايات، ركزت الجبهة الإسلامية على العمل السياسي، حيث اتسم الخط السياسي العام للجبهة الإسلامية بالآتي:
اولاً: الدعوة الحاسمة لقيام الانتخابات في موعدها بعد عام (أبريل 1986).
ثانياً: قوانين الشريعة الإسلامية والتي تسميها الأحزاب بـ(قوانين سبتمبر) مهما تكن ناقصة أو شائهة، تُكمّل وتُعدّل ولا تُلغى.
ثالثاً: دعم القوات المسلحة في حربها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.
رابعاً: احترام الجوار العربي والإسلامي “.
وحدث تحول كبير في قضية الجنوب من قبل الحركة الشعبية، ورؤيتها للحرب والسلام، كما يوضح المحبوب: ” في المقابل كانت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة العقيد جون قرنق دي مبيور قد قطعت أشواطها في التحوُل الجذري بأطروحة الحرب والسلام، نحو منفستو بيان للحركة يعتمد عقيدة الماركسية اللينينية بالكامل ويصل عبر منهاجها إلى تحليل جديد للأزمة، أفضى إلى عقيدة جديدة في السياسة السودانية “.
وعلى ضوء هذه العقيدة الجديدة قسمت الحركة الشعبية الساحة السياسية السودانية إلى قسمين : قسم تعتبرهم أقرب إليها وإلى أفكارها: ” أما أولي القربى في الكلام والسلام فهم عناصر اليسار السوداني الماركسي المنتمين إلى الحزب الشيوعي أو إلى روافده الديمقراطية أو هم الاشتراكيون الديمقراطيون أو العناصر اللبرالية ذات الثقافة الغربية أو التوجه الغربي “.
والقسم الآخر فهم في معسكر الخصومة والأعداء، وكان على رأس هذا المعسكر بالنسبة للحركة الشعبية هي الحركة الإسلامية وذلك منذ ايام الجبهة الإسلامية القومية أي قبل انقلاب 30 يونيو 1989: ” أما الحركة الإسلامية لا سيَما تمثُلاتها الأخيرة في الجبهة الإسلامية القومية 1985 – 1989م فهي تُمثِل خط المواجهة الأول للثقافة التي حملت الحركة الشعبية السلاح لمقاومتها، لا تستشعر سوى الخصومة تجاه رموزها وشخصياتها وعناصرها “.
ويُسلط المرحوم دكتور سليمان حامد الضوء على الموقف العسكري والسياسي للحركة الشعبية، وإن إضعافها عسكريا جعلها تبحث عن حلول سياسية وحلفاء جدد، يقول سليمان حامد في كتابه (تجربة الإسلاميين في السودان): ” مضت جهود الانقاذ باتجاهين، فبينما كانت ساحات القتال تشهد تكثيفاً لنشاط القوات المسلحة مدعومة بالمجاهدين من قوات الدفاع الشعبي، مما أدّى لإضعاف وجود الحركة العسكري، ونتج عن ذلك تحرير بعض المدن، بينما كان الحال كذلك على جبهات القتال، كان العمل السياسي يبحث عن حلول جذرية للمسألة إذ أقرت الحكومة النظام الفدرالي عام 1991م، ومنحت الولايات بموجبه حق إصدار القوانين التي تلائمها في حال رفضها القوانين الإسلامية “.
ثم تطورت الأحداث الميدانية وكانت في صالح القوات المسلحة والمجاهدين مما جعل الحركة الشعبية تغير من استراتيجيتها وتستعين بالخارج والمعارضة الشمالية، كما يُوضح سليمان حامد: ” لعل الحركة أحسَت ضعفاً في موقفها العسكري والسياسي مما دفعها إلى التطواف في أوروبا واسرائيل لشرح موقفها العسكري، وربما لذات الأسباب لجأت الحركة إلى التنسيق مع المعارضة الشمالية (التجمع) وربما كانت العوامل الأهم التي دفعت باتجاه العمل المشترك هي مساعي الولايات المتحدة وبعض الدوائر الغربية لتنسيق الأدوار بين المعارضة ودول الجوار (يوغندا، إثيوبيا، وإريتريا) “.
ثم غيرت المعارضة خططها التكتيكية بعد فشلها في إسقاط النظام : ” ولما لم تفلح المعارضة في احتواء النظام اتجهت نحو تغيير نهجها التكتيكي، ففي يونيو 1995م، عقد التجمع مؤتمراً في أسمرا اتفق المؤتمرون بموجبه على الآتي :
• منح الجنوب والمناطق المهمشة حق تقرير المصير.
• اعتماد العمل العسكري لإسقاط النظام.
• قيام نظام ديمقراطي تحظر فيه الأحزاب ذات التوجه الديني “.
ثم واصل الجيش الشعبي قتاله ضد القوات الحكومية وأسقط الطائرات والمدن الواحدة تلو الأخرى في قبضته في تحدٍ سافر للحكومة وجيشها. ويقول أبيل ألير معلقاً على تسليح الجيش الشعبي: ” إن الأسلحة المتوفرة للجيش الشعبي، فيما يستدل به من عملياتها ضد قوات حكومية، تبدو كافية، ويشتمل على صواريخ سام(7) متحركة أسقطت خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 1983 إلى يونيو 1988 أكثر من خمس عشرة طائرة، بعضها مدنية “.
وعن احتلال المدن يبرئ أبيل ألير الجيش السوداني من ميوله للحرب ومن الجبن أيضاً، فتراه يقول: ” وعلى الرغم من أن جيش السودان قد لا يكون ميالاً، لأسباب سياسية لاستمرار الحرب، فإنه لا يمكن اتهامه بالجبن، لأنه قد كشف عن قوته وجسارته في مناسبات عديدة، مثلاً موقفه من (قيسان وكرمك) في مستهل يناير 1988، عندما استعاد هاتين المدينتين بعد احتلال الجيش الشعبي لها لبضعة أسابيع، وفي رمبيك التي استعادها في 1987 “.
ورغم هذا فقد تعرض الجيش السوداني لانتكاسات في ميدان العمليات العسكرية، كما يقول أبيل ألير : ” فإن انتصاراته العسكرية قد أصيبت بنكسات كثيرة. حيث احتل الجيش الشعبي لتحرير السودان: توريت، وبور، وأكوبو، والناصر، وجاكو، وواط، وبيبور، وبشالا، ومنقلا، وكبويتا، ونملي، ويرول “.
وهناك مقابلة مهمة منذ الديمقراطية الثالثة بين القوى السياسية خاصة الجبهة الإسلامية واليسار في دعم للقوات المسلحة ودعم حركة التمرد. فمنذ مسيرة (أمان السودان) أو ما سُمي بـ(المسيرة المليونية) لدعم القوات المسلحة: كما يوضح المحبوب عبد السلام : ” وبخروج الجبهة في موكب (أمان السودان) في وجه تظاهرات مستمرة من التجمع ضد ذات وجودها ثم ضد مصر مطالبة بتسليم النميري، أو مع الحركة والجيش الشعبي، أو ضد قوانين سبتمبر، احتشدت الجبهة الإسلامية وكل من تعاطف مع طرحها، وغطت أفق الخرطوم من وسطها إلى ساحة القيادة العامة، معلنة تضامنها مع الجيش السوداني “. بالإضافة إلى التعبئة السياسية والدعم المالي واللوجستي.
*دعم اليسار لحركة التمرد*
كل ذلك يأتي في مقابل دعم اليسار السوداني للحركة الشعبية لتحرير السودان كما يقول عبد الله علي إبراهيم: ” واتبع ذلك بإدارة حملة ثقافية سماها كشف مستور الثقافة العربسلامية من رق وتعصب ديني. ومن أسف انه انحدر بها إلى الفتنة القومية وإثارة الضغائن يتحيّل بها إلى نصرة فريق سياسي دون فريق “. وتحدث عن رؤيتهم للحرب والسلام: ” جاءت هذه الجماعة اليسارية إلى ساحة الحرب والسلام بطاقة سلبية. ونقول بهذه الطاقة السلبية طلباً للإسلاميين كانوا قد رموهم بالخيانة للوطن والتخذيل للقوات المسلحة. فهي لم تعتبر القوات المسلحة كطرف لا مهرب منه في دراما السلام أو تراجيدياه. وفي واقع الأمر كانت هذه الجماعة اليسارية التي اتحدت بعروة الزمالة الوثقى مع رفاق لهم في الحركة الشعبية، تتمنى خيبة القوات المسلحة “. وحكى عبد الله علي إبراهيم (كشاهد عيان) أو شاهد من أهلها و(بأسى شديد) عن رؤيتهم لحرب الجنوب: ” وكنت في تلك الأيام قريباً جداً من هؤلاء اليساريين الأكاديميين وسقط الشيوعيين. ولم أسمع منهم كلمة رأفة واحدة على القوات المسلحة. وكان أسذج ما سمعت منهم أن حرب الجنوب هي وسيلة أخرى للضباط العظام للإثراء عن طريق التجارة في أخشاب الجنوب من المهوقني وما أشبه “.
وذهب الأمر لأكثر من ذلك حيث تمنوا سقوط المدن تلو الأخرى (أو تحريرها) حسب تعبيرهم: ” وكانوا يتفرقون عني إذا ما جاءت الساعة الثالثة ظهراً لتلقي جرعتهم المنشطة اليومية من أخبار الحركة الشعبية وزحف جيش التحرير الباسل. وقد استمعت من بعضهم إلى سيناريواتهم عن كيف سيفتح ذلك الجيش الخرطوم بعد احتلاله للكرمك في 1988. فقد رتبوا في ذهنهم أن تكون المدينة الموعودة بالتحرير بعد الكرمك هي الدمازين التي بها غماز كهرباء الخرطوم، ومن سيطر عليه أدار العاصمة ولعب بها القردية من بعد “. وهذا الدعم وصل حد التطابق، كما يؤكد ذلك أبيل ألير: ” وللحزب الشيوعي الآن تطلعات مشابهة لتطلعات الجيش الشعبي “.
ويقول عبد الوهاب الأفندي معلقا على تلك الفترة من حكم الصادق المهدي: “ولم تقصر الحكومة فقط في دعم الجيش، بل كانت بعض الجهات السياسية، ومنها جهات متحالفة مع الحكومة، تسفه من قدر الجيش وتكيل له اتهامات التمرد بكل نقيصة وجريمة، وفي العلن، وفي نفس الوقت الذي تزجي الأوساط الرسمية والشعبية المدح للتمرد وقادته وتتملقهم بجهر القول وسر العمل. أصبح جيش الحكومة هو المحارب من الحكومة، حتى اختلط الأمر على جنده وقادته، فلم يدروا في أي جانب هم يقاتلون”.
*اليسار مع الدعم السريع وضد الجيش*
كانوا يتهمون الجنجويد(قوات الدعم السريع) في كل مكان بكل الجرائم(القتل والاغتصاب والتشريد ووالتهجير وحرق القرى والإبادة الجماعية) وهي الجرائم التي كانت سببا في القائمة الشهيرة الـ(51) المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، ونسوا أو تناسوا أن الذين قاموا بتنفيذ هذه الجرائم على أرض الواقع هم هذه القوة(الدعم السريع)، بل وظلوا يهتفون(الجيش للثكنات والجنجويد ينحل) وأقاموا الوقفات الإحتجاجية في عواصم الدنيا المختلفة ضد قوات الدعم السريع – خاصة بعد جريمة فض الإعتصام – وغنوا أغنيتهم المشهورة(جنجويد رباطة) وغيرها. ولكن ما أن وعدهم بدعم اتفاقهم الإطاري و(إزاحة الفلول) من المشهد السياسي، ومنحهم سلطة كاملة لفترة انتقالية عشر سنوات، وافقوا على دمج الدعم السريع بعد عشر سنوات وتناسوا جرائمه وأوقفوا حملتهم الإعلامية ضده وضد قيادته.
وما أن تحرك نحو مطار مروي لإحتلاله وصوب القيادة العامة لإعتقال أو إغتيال قيادة الجيش (البرهان) ونحو مطار الخرطوم وتحرك حميدتي للقصر الجمهوري لتلاوة بيان النصر والذي سيكون خلال ساعتين فقط (حسب مستشاريه من جماعة الإطاري)، وبدأوا الحرب اللعينة والتي سيكون عبرها (التحول الديمقراطي)، ولكن بحول الله وقوته وصمود القوات المسلحة وخلفها الشعب السوداني بكل طوائفه وجماعاته وقواه الوطنية والسياسية فشل المخطط الآثم والمدعوم من أعداء السودان.
ومنذ ذلك الوقت ظل قادة وناشطو اليسار الجزافي من جماعة الإطاري والحرية والتغيير المركزي وإعلاميوهم يرددون في القنوات: أن هذه الحرب عبثية وليس فيها طرف منتصر، بل ويُساوون بين قوات الشعب المسلحة وحفنة متمردة عليها وعلى الدولة السودانية وعلى الشعب السوداني وأصبحنا نسمع:(الطرفان المتقاتلان، القوتان المتحاربتان) بل الأدهى والأمر تم تقزيم هذه المعركة لتصبح(صراع الرجلين، وقتال الجنرالين، والمعركة بين البرهان وحميدتي)، وعندما رأوا دعم الشعب السوداني لقواته المسلحة، وكذلك دعم القوى الوطنية والسياسية المختلفة، وحتى الحركات المسلحة والتحام الجميع ووقوفهم مع الجيش باعتبارها معركة الوطن كله وليست معركة جهة ما أو حزب بعينه أو كتلة أو جهة إقليمية أو سياسية حاولوا(ببلادة يُحسدون عليها) وخلفهم(إعلام الضرار الإقليمي) أن يفتعلوا شيئاً من خيالهم المريض وفوبيا الخوف من الإسلاميين(أن هذه الحرب ليست بين الجيش والدعم السريع) إنما بين أنصار النظام السابق والدعم السريع لإعادة سلطتهم. أليس في ذلك تناقض واضح وأنت تملأ وسائل الإعلام أن النظام السابق لم يغادر السلطة وأن البشير ما زال يحكم بلجنته الأمنية، فكيف يفتعلون معركة لإعادة سلطة هي في أيديهم ولم تغادرهم كما كنتم تقولون دوماً.
والآن يجوبون عواصم الدنيا (نيروبي، وكمبالا، وانجمينا، والقاهرة، وأديس أبابا) وبعض العواصم الأوروبية، بحثاً عن فردوسهم المفقود (الدولة المدنية بمفهومهم) ويدعمون الدعم السريع، بل لم تستطع أحزابهم ولا منظماتهم إدانة جرائم الدعم السريع والتي شهدت بها المنظمات الدولية قبل المحلية ولو بالبيانات والكلمات، أملا منهم بنصر سريع يحققهم حليفهم في الإتفاق الإطاري(حميدتي) ولكن خاب فألهم بصمود الشعب السوداني مع قواته المسلحة.
*عبد الله مكي* [email protected]