المقالات

عبد الرحمن محمد فضل | وداع فصل الشتاء  


ظِلَال القمــــــر

عبدالرحمن محمـــد فضــل

[email protected]

لقد أوشك الشتاء على الرحيل ويأتي بعده فصل الربيع وقبل أن ينقضي فصل الشتاء لقد طافت في ذاكرتي تلك المشاهد التي تعرض في أول فصل الشتاء لبعض الناس وهم يسبحون في المياه الباردة المثلجة وأيضاً تذكرت تحدي دلو الماء البارد الذي راج  قبل فترة بين كثير من الناس وبعض المشاهير على وجه الخصوص وبالطبع لقد شاهد الكثير منا بعض المشاهير وغيرهم يحتفلون في بداية فصل الشتاء بالسباحة في المياه الباردة جداً وفي درجة حرارة دون الصفر ومن هؤلاء المشاهير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاعب التايكندو ورجل الصاعقة والمخابرات المعتق، ونجد أن هذا الأمر لايتعلق بالمشاهير وحدهم بل أنه يستهوي قطاعاً كبيراً من الأروربيين وفي مختلف الأعمار بل حتى الأطفال الصغار جداً يعرضون للبرد والصقيع في بعض البلدان ولا أدري ما الحكمة من ذلك؟ هل ليتعود الجسم على برودة الطقس القاسي في فصل الشتاء أو بغرض أن يأخذ الجسم مناعةً من أمراض الشتاء مثل الزكام والرشح والإنفلونزا، ونجد على النقيض من هذا أن أكثر الناس في الشرق الأوسط وأفريقيا وأجزاء واسعة من آسيا لا يحتملون السباحة أو الاستحمام في المياه الباردة أو المثلجة بل يحرص الكثيرون منهم على الاستحمام بالمياه المعتدلة والدافئة والتي يتم تدفئتها بواسطة السخانات المعدة سلفاً في جل الحمامات المنزلية والمسابح والذي ليس لديه سخان لتدفئة مياه الحمام يتم تدفئته  عن طريق البوتجاز أو غيره من الوسائل المعروفة مثل (الفحم والخشب)، وأي شخص ربما يكون لاحظ أنه، عندما تلامس أجسامنا ماءً بارداً فجأة أو نغطس في مسبح (حوض سباحة) بارد دفعةً واحدةً نتنفس سريعاً جداً ؟ لأنه بمجرد لمس المياة الباردة لبشرتك تتنفس (لا إرادياً) بوتيرة سريعة قبل التعود شيئاً فشيئاً على درجة حرارة المياه، لماذا يتسارع التفس هكذا فجاة؟ ، العلم يقول تُعرف هذه الحالة باسم  (فرط التنفس) وفرط التنفس هو زيادة وتيرة التنفس عن الحاجة العضوية للجسم ويرافق هذه الزيادة نقص في الضغط الجزئي لثاني أكسيد الكربون المُذاب في الدم، مما يرفع من قلوية الدم حتي (يقلل من حموضة الدم) يدعى ذلك بالقلو التنفسي، وقد يؤدي هذا  إلى التكزز، وأيضاً ينجم فرط التنفس عن خلل في آلية التحكم بالتنفس، إما بسبب إضطراباً نفسياً مثل (الخوف والهلع والذعر) أو بسبب إختلال في آلية التنفس نفسها كما يحدث في أمراض الرئة وأمراض القلب، بينما التعرض للماء البارد فجأةً  ينتج عنه ردة فعل على صدمة البرد فعندما تغطس دفعةً واحدةً في ماء بارد يتم تحفيز مستقبلات درجات الحرارة  في بشرتك بشكل كامل فجأة ، وهذا يؤدي إلى تغييرات فيسولوجية منها فرط التنفس بشكل غير طوعي، لأن صدمة البرد تتسبب في غلق (إنقباض) الأوعية الدموية في الجلد نتيجة التبريد المفاجئ ، مما يزيد من مقاومة تدفق الدم، نتيجة لذلك يزداد  معدل ضربات القلب بجهد أكبر كي يرتفع ضغط الدم لديك ، لذلك يمكن أن تسبب صدمة الماء البارد نوبات قلبية حتى لدى الشباب الأصحاء أي  يمكن أنّ تقتلك صدمة البرد بسبب إنخفاض درجة حرارة جسمك المفاجئ وكلما مكثت أكثر زاد الخطركذلك لأنه عندما تتنفس بسرعة وأنت تلهث ستملئ رئتيك بالماء ( مما يؤدي إلى إمتلاء الرئتين بالماء ثم الغرق على الفور)، لذلك  فإن فرط التنفس يجعل السباحة تبدو مستحيلة في هذه اللحظة) .

 وبكل تأكيد أن الأفراد المصابين ببعض الأمراض سوف تكون نسبة إصابتهم بخطر الإصابة بفشل القلب والسكتة الدماغية أكبر، إذا مفتاح النجاة من صدمة البرد هو الإنتباه للأعراض والعمل بسرعة لحماية مجرى الهواء والحفاظ على رباطة الجأش وذلك بالاستلقاء على الظهر لمنع دخول الماء مع الهواء في حال الغمر في ماء بارد، وأنا أرى ليس من الحكمة والعقل أن يغمس الإنسان نفسه في ماء بارد مثلج وفي أجواء درجات الحرارة فيها منخفضة ياترى سوف يأتي يوم ونشاهد السباحة في المياه الباردة المثلجة في العاصمة الخرطوم وتصل درجة الحرارة (45) درجة تحت الصفر ونستطيع المشي على سطح نهر النيل وهو متجمد ؟.

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp عبد الرحمن محمد فضل | وداع فصل الشتاء  





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى