المقالات

خالد محمد اسماعيل | من حصاد الغربة


وكما للغربة والهجرة فوائد وإضافات،وبالمقابل لها متاعب وخصومات جمة،أولها أن الذين يولدون في المهاجر التي تختلف بيئتها عن بيئتهم الأصلية،يشبون على بيئة البلد المستضيف لهم ومن شب على شيء شاب عليه وعندما أقول البيئة أعني الثقافة بما فيها من لغة وعادات وتقاليد وفنون وو..إلخ وفي هذا ليس عليهم من حرج أو ذنب لأنه ليس بأيديهم ومن عاشر قوماً أربعين يوماً صار مثلهم كما يقول المثل وأول ما يتأثر به المولود هو اللسان فيتشكل حسب المكان إينما كان ومن الطرائف التي أذكرها في هذا السياق أن أحد من يمتون إلى بالقرابة ولد في بريطانيا وحاز على الجواز البريطاني وهو في المهد صبياً وفق القانون البريطاني وقد أتى به والديه إلى السودان لقضاء إجازة مع الأهل وقد كان لدينا أحد الأجداد يدعى الجزولي فاستصعب على الصبي القادم من بريطانيا نطق هذا الاسم،فوجد أقرب الأسماء الأعجمية إليه من حيث الجرس الموسيقى هو سوزوكي ومنذ ذاك الحين أخذ ينادي جده بسوزوكي حتى كاد أن يطغى على اسمه الحقيقي،أيضاً من التبعات الوخيمة المترتبة على الغربة والهجرة للبلدان الأجنبية ذات الثقافة المختلفة أن الذين يولدون بها لايعرفون شيئاً عن جغرافية بلدهم الأصلي فإذا سئل أحدهم مثلاً أين تقع جزر الكسنجر وهي بشمال السودان قد يخيل إليه أنها تقع في الكاريبي وإذا سئل أحدهم أين تقع جبال الأنقسنا وهي بالنيل الأزرق قد يخيل إليه أنه تقع في الأمازون بأمريكا اللاتينية أو شيء من هذا القبيل،طبعاً يجري هذا على المهاجرين ببلدان أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا،أما المهاجرين بالبلدان المشرقية قد لا يجدون مشقةً في التعرف على جغرافية موطنهم الأصلي لأن هناك قواسماً مشتركة تجمعهم مثل الدين واللغة والثقافة وربما بعض الطقوس والتقاليد ولذلك الشخص المقيم بتلكم البلدان لايعاني وطأة الغربة مثلما يعانيها في بلدان الغرب،أما الثمن الغالي الذي يدفعه المهاجر بالبلدان المختلفة معه ثقافياً،يتمثل في الجانب التربوي في فهمهم لحرية الفرد،حيث يرون أن حرية الفرد مطلقة بنص القانون وبناءاً على هذا فالإنسان سواءً كان ذكراً أو أنثى فهو حر في أفعاله وتصرفاته وخياراته دون وصايا من والديه حتى إن كان صبياً يافعاً،له الحق في مقاضاة والده إذا إعترضه فيما يريد،إذ أن ثقافتهم التربوية لا تعرف عقوق الوالدين ولأن التربية القويمة للأسرة لا توجد إلا في الأديان السماوية،غير أنهم على جفوة مع الأديان السماوية نفسها والآن النمط التربوي الذي يسيرون عليه يريدونه أن يفرض على العالم كله عبر  قبول ما يسمى وثيقة (سيداو).

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp خالد محمد اسماعيل | من حصاد الغربة





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى