أخبار السودان

ثم ماذا بعد الحرب !! – اليوم التالي


مزمل موزارت

[email protected]

_ لا أود الخوض في امور بديهية حول موضوع الحرب الدائرة في الخرطوم وبعض ولايات دارفور فهناك اشياء تكشفت واصبح القاصي والداني يعلم جل تفاصيلها ويلم بكل تلابيبها ، فكيف بدأت الحرب ومن هو وراء قيامها والخطط التي وضعت في الخفاء كل ذلك اصبح من البديهيات المسلم بها لدي كل الناس ، فعاجلاً أو آجلاً ستضع هذه الحرب اوزارها وهنا بالذات مربط فرس هذا المقال.

_ بأي حال يجب ان تكون هذه الحرب التي تدور رحاها في وطننا العزيز هذه الأيام درساً قاسياً علي الجميع يجب الإستفادة منه مستقبلاً من اجل الأجيال القادمة إذا امد الله في عمر هذه الدنيا ،، فالمتضرر الأول والأخير منها كان المواطن الذي قتل ونهب وسرق وشرد وأغتصب في عرضه وفقد كل مقومات الحياة بسبب طموحات شخصية وأطماع لدوائر خارجية ظللنا ننبه لها منذ فترات طويلة سابقة لكن لقد اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.

_ ما اود لفت النظر اليه في غاية الأهمية فإذا شاء الله وإنتهي هذا الإقتتال يجب ان لا يعود سودان ما قبل 15 ابريل لآن ما حدث وما سوف يحدث هذه الأيام كانت تفاصيله تطبخ علي نار هادئة منذ زمن طويل ولا أقصد هنا الجوانب العسكرية والسياسية فقط بل الجوانب الأخرى التي لا تقل أهمية كالإجتماعية والإقتصادية لذلك علينا ان نبدل كل ما كنا عليه من سوء مقصود أو غير مقصود كنا فيه قبل الحرب اللعينة لتكون كبش فداء ضحينا به من أجل تصحيح الأمور والأوضاع لبناء مستقبل واعد لأجيال قادمة.

_ من الأشياء المهمة جداً في الفترة التي تعقب انتهاء الحرب هي الإلتفات للتعليم بكل مستوياته فأولي لبنات بناء الخراب الذي يعقب الحروب هو تثبيت مبدأ العلم والثقافة للأجيال الحديثة وهذا لا يأتي الا بخطط مدروسة موضوعة بأنماط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدي تتبناها الحكومة القادمة ، فالتعليم يجب ان يتاح للجميع بدون فرز او تفضيل بالمال ، التعليم يجب ان يكون لكل من أراد التعليم ولكن أن نعود لقوقعة التعليم للأغنياء وأبناء المغتربين فهذا يعني اننا لازلنا في ذلك النفق المظلم الذي وجدنا انفسنا فيه من بعد فترة استقلال السودان في منتصف القرن العشرين تقريباً ..

اذا اردنا النهوض بدولة اسمها السودن يجب ان تدعم الحكومة التعليم بصورة إستثنائية فهذا هو السبيل الوحيد للتقدم نحو الأمام واللحاق بركب الأمم المتقدمة أما دعم الحركات المسلحة والأحزاب السياسية فتلك اشياء لا طائل منها سوي الخراب والدمار وقد جربنا ذلك ورأيناه بأم اعيننا .

_ يجب مراجعة شاملة لهيكلة التوظيف في جميع اوصال هيئات الدولة بمختلف مسمياتها لأن ما كان يحدث في عهد الإنقاذ ومن بعده عهد أحزاب (قحت) رائحة فساده تزكم الأنوف ، فيمكنني القول بكل ثقة ان أكثر من 85 % من التوظيف الحكومي يرجع للمحسوبية والتزكيات والمجاملات علي حساب مؤهلين قادرين علي تقديم الكثير لهذا الوطن ، فمن المستحيل ان نبني اوطاناً بمثل هذا الفساد والإفساد الممنهج ، إذا لم تراجع هيكلة التوظيف هيكلة رأسية تشمل الإدارات المسؤولة عن وضع القوانين والخطط التي يعمل بها في تسيير العمل المهني الحكومي واستحداث قوانين كثيرة تمنع التلاعب بما يسمي توظيف (الواسطات) وكذلك التوظيف السياسي من اجل التمكين لأحزاب معينة في دولاب العمل الحكومي ،، بالإضافة للهيكلة الأفقية للتوظيف و(فلترة) كل المؤسسات ومراجعة طرق تعيين الموظفين والتخلص بمن تثبت عليه شبهة محسوبية أو تفضيل بسبب الإيديولوجيات السياسية ،، اكتفي فقط بما ذكر أعلاه لأن ضرب امثلة بفساد التوظيف في المؤسسات الحكومية السودانية يحتاج مني لعشرات المقالات فاغلب من يعملون في المؤسسات التي تتبع للدولة حالياً تشوبهم شبهة وساطات وتزكيات بطريقة أو أخري ، يجب ان يتوقف هذا العبث من اجل سودان ما بعد الحرب.

_ القطاع الصحي وما ادراك ما القطاع الصحي فهو برفقة التعليم يجب ان يكون شغل الحكومة الشاغل في المرحلة المقبلة لا نريد مستشفيات خاصة بمليارات الجنيهات أو السفر للعلاج خارج السودان في مصر وغيرها من البلدان المتقدمة علينا طبياً أو فلنقل مادياً ، يموت المواطن العادي بسبب اتفه الأمراض لعدم جودة المستشفيات الحكومية وإرتفاع تكاليف العلاج في المشافي الخاصة وإرتفاع العلاجات بشكل جنوني بسبب دخول (مافيا الدواء) علي الخط !!

يجب ان تصرف حكومة ما بعد الحرب صرف من لا يخشي الفقر علي القطاع الصحي الحكومي بالإضافة لتقنين وضع القطاع الصحي الخاص الذي أصبح يعبث بجيوب المواطنين ويقوم بإبتزازهم اما الدفع أو الموت بسبب المرض !!

_ هناك موضوع محير منذ عهد حكومة الإنقاذ البائدة نري شباب من السودان يلتحقون بأجهزة شرطة وجيش دول أخري ماذا يسمي هذا الوضع ؟ نريد ان نعرف هل اصبحنا نصدر المرتزقة ؟ سنفترض ان هذا وضع طبيعي .. اذن لماذا لا نجد في اجهزتنا الشرطية والأمنية اجانب ؟ ( اذا استثنينا الدعم السريع طبعا ) ، الإجابة القطعية هناك عبث كبير وإهدار ضخم لمواردنا البشرية السودانية فالمحسوبية تلعب دورها داخل الوطن والإرتزاق والمحسوبية ايضاً تلعب دوراً في التسفير خارج الوطن ،، سودان ما بعد الحرب يجب أن يستفيد من كل ابنائه بتوفير بيئات مثالية للعمل في السودان بدون تحيز او تزكية في كل المجالات بمرتبات معقولة علي اقل تقدير وتضييق فرص الهرب والإغتراب الي الدول البترولية و اوروبا فالسودان اولي بهذا الثروات البشرية ، والإلتفات العاجل لمسألة سوداني الجنسية يعمل في جيش او شرطة بلد غير السودان ؟ هل اصبحنا نصدر المرتزقة للدول الأخري ؟ اذن لماذا نلوم قوات الدعم السريع ؟ ؟ ؟ فمثل ما نفعل يفعل بنا وكما تدين تدان !!؟؟

_ هناك الكثير من الأشياء المهمة التي يجب ان تكون في قائمة أعمال حكومة ما بعد الحرب لكن يجب البداية بالأهم ثم الأقل أهمية فالبناء يبدأ بالتعليم فهو الأسأس لأي نهضة لكل امة بجانب الصحة بكل تأكيد وإدارة العمل الإقتصادي والأسواق يحتاج لإجتهاد كبير لكي نبتعد من فخاخ اعدائنا الإقتصادية خارج السودان فهو مدخلهم الدائم لهدم الدولة السودانية ، ومراجعة فساد التوظيف نقطة مهمة في ارساء وتدعيم قيم العدالة المجتمعية ودعم الشباب لبذل الغالي والنفيس من اجل وطنهم وليس تكريس الوظائف عن طريق المجاملات الحبية والسياسية وتوظيف الأقارب فتسليم الوظائف الحكومية اصبح عهدات عائلية فالأب يسلم أبنه مكانه الوظيفي بالوراثة !! والموظفة كذلك مع اختها وإبنتها ، هكذا اساليب لا يجب ان تستمر في فترة ما بعد الحرب .

خاطرة :

في عمق الماضي السحيق ، في أعماقي انا الغريق ،، لن انجو بل ارجو ان القي ذاك البريق ..



المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى