تردي الأوضاع الاقتصادية .. (كلو من السياسة)..!!
الخرطوم: هالة حافظ
هناك بطء في اتخاذ الإجراءات التي تؤدي إلى حلول للأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، نتيجة لعدم الاستقرار والسياسي والاستقرار الأمني ، وحالة من الغضب والسخرية من “الحالة الاقتصادية السيئة” التي وصلت إليها البلاد ، و العبء الذي سيلقي على عاتق المواطن في الفترة القادمة في ظل تنبؤ بمزيد من موجات ارتفاع الأسعار ، ومع اقتراب شهر رمضان يواجه المواطن بالعديد من الاشكالات والزيادات في كافة مناحي الحياة.
تذمر واستياء :
أصبح المواطن يفيق كل يوم على اخبار زيادات جديدة إما في أسعار السلع او الخدمات وهو ما يزيد من مخاوف المواطنين من أنهم مقبلون على صعوبات معيشية، أشد وطأة من كل ما مروا به خلال الفترات الماضية وبنهاية شهر فبراير الماضي كشف وزير المالية جبريل إبراهيم عن اتجاههم لرفع الدعم عن غاز الطهي خلال الفترة المقبلة.
وحررت الحكومة الانتقالية المعزولة بقيادة المدنيين، أسعار الوقود بشكلٍ كامل في يونيو 2021، ولكنها أبقت الدعم على الكهرباء وغاز الطبخ.
وقد أعلنت شعبة الغاز “امس ” عن زيادة سعر غاز الطهي من ٣.٥٠٠ جنيه إلى ٣.٨٦٠ جنيهاً اي بزيادة ٣٦٠ جنيها في ظل شح إمدادات الغاز، وذلك على مقربة من حلول شهر رمضان الذي يشهد توسعاً في الإنفاق على الأطعمة والمشروبات.
قطوعات الكهرباء
وقد بدأت برمجة قطوعات الكهرباء اكثر من اسبوع وتتراوح القطوعات من ٧ إلى ١٢ ساعة في اليوم مما يؤثر على جميع القطاعات الإنتاجية بما فيها قطاع المخابز إذ أن قطوعات الكهرباء وزيادة سعر غاز الطهي يتوقع أن يؤدي إلى زيادات جديدة في الأسعار، خاصةً الخبز .
وفيما يخص الزيادات في أسعار السلع والخدمات ابدى المواطن عبدالهادي محمد الطيب والذي يعمل مدرسا بأحدى المدارس بالخرطوم وهو اب لثلاثة ابناء اثنان في المرحلة الأساسية والثالث في المرحلة الثانوية تذمره واستياءه من الحالة التي وصلت لها البلاد خاصة الأزمة الاقتصادية التي تسببت في الضائقة المعيشية للمواطنين، وقال الهادي في حديثه لـ (الإنتباهة) الأسعار لجميع السلع والخدمات قد ارتفعت واصبحنا لانستطيع شراء احتياجاتنا الأساسية في ظل ضعف المرتبات التي لاتكفي لجلب ابسط الاحتياجات، واضاف مستنكراً المرتب اصبح لايكفي حتى لشراء عيش حاف فكيف نستطيع مجاراة تصاعد الأسعار من أين نأتي بكل هذه الأموال، وأشار إلى أن الحكومة لم تعد تهتم لأمر المواطن وكل مايهم المسؤولين في السلطة استمرار وجودهم والصرف من جيب المواطن على جيوشهم من جيب المواطن الضعيف، وتابع : لن يصبر المواطن أكثر من ذلك على هذه الحالة التي لا تطاق.
انهيار قطاع المخابز :
وفي ذات السياق أكد الناطق الرسمي باسم أصحاب المخابز عصام عكاشة على تأثير ارتفاع سعر غاز الطهي من ٣.٥٠٠ جنيه إلى ٣.٨٦٠ جنيها على صناعة الخبز إلى جانب قطوعات الكهرباء ، وطالب عكاشة في حديثه لـ (الإنتباهة) الدولة برفع الدعم عن الغاز لجهة ان الدعم بنسبة ١٪ للغاز لا معنى له واضاف : يجب على الحكومة تحرير سعر الغاز حتى يتوفر، ونبه الى إن الخبز أصبح عرض وطلب وبما ان المواطن يشتري قطعة الخبز بسعر ٥٠ جنيها هذا يعني (ماف حاجة فارقة معاهو) ، وقطع بأن قطاع المخابز اصبح معرضا للانهيار ، وزاد : لانستطيع أن نحدد بأنه ستكون هناك زيادات جديدة في أسعار الخبز لجهة ان الأمر أصبح متعلقا بالعرض والطلب وحال قل الطلب بالتأكيد العرض لاتكون له مساحة للزيادة.
ضغط إضافي :
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الناير قد نصحنا الدولة مراراً وتكراراً لمعالجة قضية الموازنة العامة للدولة من جيب المواطن او بزيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المواطن وان تبحث عن موارد جديدة لاتمس حياة المواطن، ونبه الى إن السودان يمتلك إمكانيات كبيرة في ظاهر وباطن الأرض ولديه فرصة كبيرة التفجير هذه الموارد وان يوظف إمكانياته لمصلحة الاقتصاد السوداني بدلاً من الاعتماد على الجبايات وزيادات أسعار السلع والخدمات والرسوم التي أرهقت كاهل المواطن ومن المعلوم أن الدولة منذ العام ٢٠٢٢ بدأت تعتمد فقط على مصدر واحد وهو الإيرادات الضريبية والجمركية وهذه بها خطورة عالية لجهة انه على الدولة ان تنوع في مصادر الإيرادات وتبتكر مصادر إيرادية جديدة لاتمس حياة المواطن علماً بأن علم الاقتصاد هو علم البدائل لذلك على الدولة ان تدرس كل البدائل المتاحة وتختار البديل الأمثل الذي يصب في مصلحة المواطن بصورة أساسية خاصة وان شهر رمضان على الأبواب والحركة التجارية في السودان دائماً ما يستغلها التجار في هذا الشهر برفع أسعار السلع للمستهلكين بصورة كبيرة في ظل غياب دور الدولة وغياب دور النقابات الذي كانت تقوم به بالتنسيق مع بنك العمال بتوفير سلة رمضان بأقساط مريحة ، وأبان انه ظل هذا الوضع المعقد تأتي الدولة لترهق المواطن اكثر فأكثر وتتواصل السياسات الخاصة بفرض رسوم الضرائب في العام ٢٠٢٣ دون أي تعديلات في الرواتب الأجور بصورة واضحة وهذا يجعل الراتب لايكفي الا لبضعة ايام من الشهر وبالتالي يعاني الموظف في الخدمة العامة او المدنية من تعقيدات كبيرة فضلاً عن أن كثيرا من الأسر السودانية او الشرائح الفقيرة في ظل اقتصاد يعاني من معدلات فقر تتراوح مابين ٦٠ إلى ٨٠ ٪ ومعدل بطالة يصل إلى ٤٠٪ لا يعقل أن يضغط على المواطن السوداني أكثر من ذلك.
زيادة طفيفة :
ويقول رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد الفاتح عثمان ان وزارة المالية تدرس كيفية رفع الدعم عن الكهرباء وغاز الطهي لاستكمال خروج الحكومة من الدعم السلعي وفق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي طالب بها صندوق النقد الدولي والدائنون الدوليون خاصة مجموعة نادي باريس.
وقال في حديثه لـ (الإنتباهة) ان السودان يعاني حاليا من ركود اقتصادي كبير يوشك ان يتحول الى شلل اقتصادي بسبب السياسات النقدية الانكماشية التي تبنتها وزارة المالية وبنك السودان بغرض خفض التضخم والتي كان يجب ان تتوقف هذا العام بعد ان نجحت في هدفها وانخفض التضخم الى حوالي 93٪ هبوطا من 426٪ ولكن باستمرار الحكومة في سياساتها النقدية الانكماشية بات واضحا صعوبة تقبل الشعب السوداني لأي رفع للدعم عن الغاز والكهرباء ولهذا تخلت الحكومة مؤقتا عن رفع الدعم عنهما .
واردف لكن زيادة الغاز تمت من قِبل غرفة الغاز التجارية بسبب ارتفاع تكلفة الشحن وبمبلغ يقل عن 10٪ .
لذلك ليس من المتوقع تأثر اسعار الخبز بهذه الزيادة الطفيفة في سعر غاز الطهي ولن تؤثر كثيرا على مجمل أسعار المنتجات الغذائية.
ارتفاع البطالة
وفي ذات الأثناء قال الخبير الاقتصادي د.هيثم محمد ان البلاد تعاني منذ فترة تراجعا في مؤشرات الاقتصاد الكلي، فهناك أزمة في ميزان المدفوعات وعجز في الموازنة وارتفاع في مستويات البطالة وتعطل مهم في الصناعات التحويلية ولم تتمكن منذ الثورة من التوصل إلى معالجات مؤقتة لمشاكلها العاجلة خاصة أن الاقتصاد السوداني ومنذ زمن اعتمد على المعونات والتسهيلات التمويلية الميسرة التي تقدمها البلدان والمنظمات التمويلية والاستثمارية الدولية.
أنه ومنذ اندلاع الثورة لم يتحقق خلالها أي تطور إيجابي في الأوضاع الاقتصادية أو مستويات المعيشة، بل تراجعت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتأزمت من دون استشراف لأي تحولات إيجابية.
لابد من التوصل إلى اتفاق على نظام سياسي وتنازل من جميع أصحاب الشأن السياسي والأمني حتى يحدث استقرار سياسي للبلاد ومنه تحسين للأوضاع الاقتصادية لمعالجة أوضاع الفقر والبطالة وإنعاش القطاعات الحيوية مثل الصناعات التحويلية.
موازنة العام الحالي، ستتبع ذات المنهج السابق بالمبالغة في تضخيم الإيرادات والمصروفات، ما يقود للتدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد حالياً، وحتى الآن لم تطلعنا الحكومة بكيفية تقليل عجز الموازنة وخفض الاستدانة من النظام المصرفي، والوفاء بتعويضات العاملين في الدولة، ومقابلة التزامات السودان الخارجية سواء في الهيئات الدبلوماسية أو الملحقيات العسكرية والعلاقات مع المنظمات الدولية عبر سياسة مالية ونقدية متفق عليها.
مما يجبر الحكومة بالعمل بفرضيات غير واقعية بالنظر إلى مجموعة من المؤشرات السلبية التي تخنق مجمل النشاط الاقتصادي مع معاناة المواطنين من وقع الأزمات الاقتصادية التي انعكست على حياتهم نظراً لتردي أوضاعهم المعيشية ووقوع الآلاف منهم تحت خط الفقر في ظل انعدام الرؤية الاقتصادية وضبابية الإصلاحات الاقتصادية.
لم تبين الحكومة الميزانية مسألة الحماية الاجتماعية، لأن هناك سياسات قد تزيد من الإضرار بالقدرة الشرائية للسودانيين.
موضحا ان الاقتصاد السوداني غير مرن ولا يملك جهازا إنتاجيا كالزراعة والصناعة، وتفتقر سياسة التجارة للضوابط الحمائية للمنتج المحلي، إضافة لانتشار الفساد المالي والإداري في دوائر القطاع العام؛ مما زاد حجم البطالة، وبهذا اكتملت جميع أركان التضخم الركودي في السودان
وقال هيثم لـ( الإنتباهة ) هناك عدة أسباب تضغط على الجنيه السوداني ليتراجع بشكل حاد ومستمر، منها انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي ، مع تثبيت قيمة الجنيه واعتماد سياسة التعويم المدار بدل العرض والطلب. مع ارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية والوقود واتساع حجم الفجوة التمويلية..