بمناسبة اليوم العالمى للمرأة .. الصراع بين جيلي الأمهات والبنات !!
كلام بفلوس
تاج السر محمد حامد
عمود كلام بفلوس اليوم يختلف عن الأعمدة السابقة .. فالشكوى من عدم مقدرة الأم على فهم إبنتها أصبحت ظاهرة منتشرة .. بعض البنات يعبرن بها عن حقيقة ملموسة .. ولكن البعض الآخر يرددها من قبيل الظهور وكأن إعلان ذلك يضفي عليهن ثوب التطور وأنهن شخصية عصرية متفردة أو كأنه يصورهن ضحايا فى حاجة إلى الرعاية .. وهذه الشكوى تدفعنا إلى مشكلات الصراع بين جيلي الأمهات والبنات الجيل الجديد الذي يصور الأمهات عاجزات عن فهمهن .. جامدات .. متزمتات .. ولكن الأمهات يدافعن عن أنفسهن فيقلن :-
قد تختلف آراؤنا عن آراء بناتنا وقد تتعارض أحكامنا مع أحكامهن .. فلماذا نطالب نحن بقطع الشوط كله والرضوخ التام دون تقدير منهن لموقفنا .. أو تضحية من جانبهن لإرضائنا .. هل نحن دائماً على خطأ وهن على صواب .. هل معنى أننا نرفض الكثير من الجديد أننا غير صالحات للتفاهم وأننا اللائي نحفر هذه الهوة التي تقف حائلاً بيننا وبينهن ؟
تقول إحدى الأمهات لي إبنة في الثامن عشر من عمرها وحيدتي ومن مواليد المملكة العربية السعودية .. وأقصى ما أتمناه أن أفهمها حاولت ذلك كثيراً ولكنها مصرة على أن تغلق نفسها دوني زاعمة أنني لا أستطيع فهمها .. لأني كما تصارحني من جيل غير جيلها واستنكر آراها وأفكارها لأنني لا أعيش حياتها المتطورة وقد أغير نظرتي نحوها إذا أطلعتني على مشاعرها .. كل ذلك تضعه مقدماً دون أن تدع لي الفرصة للاستجابة .. وماذا لو عارضتها أحياناً أو حتى استنكرت أفكارها .. هل المفروض أن أوافقها على طول الخط وإلا كنت غير قادرة على التفاهم .
وأخرى تقول والدموع في عينيها ماذا أفعل حتى أكسب ثقة إبنتي وحتى أقنعها بأنني يمكن أن أسهم معها في حل مشكلاتها .. أحياناً أراها شاردة أو تبكي بحرقة أو تنطوي على نفسها .. أذهب إليها أحدثها أقول لها أنا أمك أخبريني عما يضايقك فترمقني بنظرات جامدة وتقول لماذا وأنا أعرف أنك لا تفهميني .
وأم أخرى تقول إذا وأفقت إبنتي على آرائها فأنا في نظرها أم مثالية .. أما إذا عارضتها .. فأنا متأخرة ورجعية بل هي لا تتردد في أن تقول لي لن أحدثك بشئ عن نفسي بعد ذلك أنت لا تحاولين فهمي .
وأم أخرى تقول إبنتي تمتنع عن مساعدتي في أعمال البيت وترفض حتى في أيام الإجازات الدراسية أن تعاونني في أعمال البيت وحجتها إنها تدخر جهدها للمذاكرة بل إنها لا تخدم نفسها حتى سريرها أرتبه أنا ، حديث الأمهات يوضح أبعاد المشكلة .. مشكلة فقدان الثقة بين الجيل القديم والجيل الجديد .. والحقيقة أن الأم قد تكون على استعداد للتفاهم والتقدير .. ولكنها لا تعرف كيف تقنع إبنتها بذلك .. لأن الإبنة من جانبها تنظر إلى الأم بشئ من الخوف والتحدي بإعتبارها تمثل السلطة .. ومن الطبيعي أن يوجد ذلك الصراع بين جيلي الأمهات والبنات فهي ظاهرة صحيحة سليمة .. ولكن ليس من الطبيعي في شئ أن تصدر البنات حكماً قاطعاً على الأمهات وأن يجنين على أساس هذا الحكم موقفاً معيناً ثابتاً لا يتغير .. فما تدعيه البنات مسبقاً بعدم فهم الأمهات لهن يعتبر من وجهة نظري الخاصة تفكيراً غير سليم لا يجوز لفتاة المجتمع الجديد أن تلقي بذهنها في متاهات المقدمات الخاطئة .. وتأسيس النتائج عليها يقود دائماً إلى الأحكام غير الصائبة لأنه لا يقوم على التجربة التي هي في واقع الأمر المحك الحقيقى للإختيار .
أما إذابة العوائق التي تعوق التفاهم بين الأم وإبنتها فيعتمد ذلك على كليهما .. فالأم يجب أن توحي لإبنتها بالتصرفات المستمرة أنها ملاذها الآمن وسندها الواعي وأنها يمكن أن تكون وريثة تصرفاتها الحسنة والواعية والمسؤولة .
أما البنت التي ترفض مساعدة ومعاونة أمها في أعمال البيت فهذه ظاهرة تدل على الأنانية .. وعدم تدارك الأمهات لها بالحزم والذي سيخلق في بناتنا شخصيات تفتقر إلى تحمل المسؤولية وتفتقد إحساس المشاركة .. فالبنت التي ترى أمها مجهدة تحاول أن توفر لكل فرد من أفراد الأسرة الراحة ورغم ذلك لا تنهض من مكانها لتريح أمها المتعبة .. هذه البنت لن تصبح في المستقبل زوجةً صالحةً وأم مثالية .
فيجب على البنت أن تشعر أمها في كل المناسبات أنها تقدر جهدها وتحس أفعالها وتعترف بتضحياتها .. والأم لا تهدف أبداً إلى المقابل .. ولكن كلمة عرفان تسعد قلبها وهو تصرف يمليه التقدير ويمسح كل متاعبها .. وسلوكها يوحى إليها بأنها فى نظر أسرتها ليست مجرد آلة للخدمة يمنحها فرصة لا تقدر بثمن .. أليس كذلك .. وكفى.