المقالات

الوجه الآخر للأزمة السياسية في البلاد .


إبراهيم شقلاوي

السودان الذي الذي يملك أكبر عدد من الثروة الحيوانية في الوطن العربي وأفريقيا أصبح يواجه حالياً نقصاً في إنتاج اللحوم وتدنياً كبيراً في الإنتاج الزراعي.. حيث تناقصت الثروة الحيوانية حسب مراقبين إلى النصف وكذا الإنتاج الزراعي حيث تضرر المنتجين من غياب السياسات الحاكمة و الداعمة للإنتاج وتوفير التمويل اللازم وضعف المتابعة الإدارية.. حيث نتج عن ذلك إنصراف الكثير من المنتجين إلى أعمال أخرى.. مثل التعدين الأهلي أو إلى المهن التقليدية والهامشية ذات العائد السريع هذا المتغير الذي يصفه البعض بالخطير يضعف إقتصاد الدولة ويخلق الأزمات المحتملة في القريب العاجل أن لم يتم تدارك.. فأن عدم الاستفادة الحقيقية من الموارد يجعل الاقتصاد عاجزاً عن النهوض رغم المحاولات الخجولة التي تبديها عدد من المؤسسات والوزارات الحكومية إلا أن غياب الخطة الواضحة في التطوير والتحديث تجعل الأمر في غاية الصعوبة أن لم يكن بعيد المنال ..، فقد ظل دولاب العمل في الدولة معنياً فقط بتسير جاري الأعمال دون إبداع مشروعات جديدة تعجل بمواكبة التطورات التنموية والاقتصادية على المستوى الداخلي أو في محيطنا الدولي والإقليمي بعد أن لاحت في الأفق نذر شح الغذاء وربكة سلاسل الإمداد وهذا يجعل توفر الغذاء في المستقبل القريب أمراً صعباً وربما منعدماً بسبب بعد منطقتنا من مناطق الإنتاج العالمية ولوجود التنافس في الحصول على الغذاء من معظم البلدان التي تظل هي الأقرب من حيث قوة إقتصادتها في الإيفاء بالسداد العاجل أو وضوح علاقاتها الاستراتيجية مع الدول المنتجة.. هذا بجانب التغيرات المناخية المحتملة التي تضعنا أمام خيارات متعثرة والتي ربما تفرض علينا واقعاً صعباً .. لن يكون حينها باستطاعتنا أن نرفضه وهو الغذاء مقابل السيادة الوطنية اوالقرار السياسي.

فأن نذر الجفاف وشح الأمطار بدأت تبرز في جوارنا الإقليمي تأكيد على ما أعلنته المنظمة الدولية حسب وكالات من تضاعف عدد الأشخاص المهددين بالجوع في القرن الأفريقي تقريباً منذ بداية عام 2022م، إذ كان يبلغ (13) مليون نسمةحيث يعاني (5,6) مليون شخص حالياً من  إنعدام الأمن الغذائي الحاد في الصومال، و(12) مليون في أثيوبيا، و(4,3) مليون في كينيا، إذ يعيش سكان هذه المناطق  بشكل رئيسي من تربية المواشي والزراعة.. وفقاً للأمم المتحدة.. هذا إذا كنا بمنأى من الجفاف وشح الأمطار فلن نكون بمنأى من الهجرات المتوقعة و النزوح من الدول المهددة بالمجاعة.. ذلك بالإضافة إلى ما أعلنه موقع الأمم المتحدة على لسان  مجموعة العمل المعنية بالأمن الغذائي والتغذية التي تشترك في رئاستها (إيغاد) ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، (إن أكثر من (29) مليون شخص يواجهون مستويات عالية من إنعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء منطقة (إيغاد) ، وأوضح د. غيبييهو ذلك بالقول: (بالفعل، هناك 15.5 إلى 16 مليوناً من أخواتنا وإخوتنا بحاجة إلى مساعدة غذائية فورية، بسبب الجفاف.. وهذا العدد يصل إلى 6-6.5 مليون شخص في إثيوبيا، 3.5 مليون في كينيا، و6 ملايين شخص في الصومال..وفي الأجزاء الواقعة جنوب وسط الصومال الوضع كارثي مع وجود 81,000 معرضين لخطر المجاعة.).

فأن قلة تساقط الأمطار الذي عاشته بلادنا في مطلع ثمانينات القرن الماضي والذي خلق واقعاً قاسياً من الجفاف والتصحر وتضرر الرعاة والمزارعين وتأزم جراه إقتصاد البلاد في تلك الفترة وتفشي البؤس الإجتماعي وزيادة العاطلين عن العمل هذا الواقع ربما يطل من جديد إذا لم تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة في الوقت المناسب.. بالرغم من واقع السودان الذي إختلف كثيراً عن تلك الفترة بعد إقامة السدود الجديدة.. مروي، وسيتيت وأعالي عطبرة، وتعلية سد الرصيرص، بجانب سدود حصاد المياه هذا الواقع الجديد يمكن أن يعزز فرص البلاد في تجاوز الأزمة إذا ما تمت المسارعة بالاستفادة من كافة الأغراض التي تم بموجبها إنشاؤها مثل ذلك تفعيل  الإتفاق الذي تم مع المملكة العربية السعودية في فترات الحكومات السابقة والذي تم بموجبه منح حكومة المملكة العربية السعودية مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة في مشروع (أعالي عطبرة الزراعي) الواقع شرقي البلاد.. مما عده محللون إقتصاديون من الإتفاقات المهمة في جذب الاستثمارات العربية للقطاع الزراعي

هذا بجانب تفعيل البرتوكولات والإتفاقات الثنائية في جانب الاستثمار الزراعي مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة.

 مماتقدم نجد من المهم الاسراع في تكوين الحكومة الجديدة لتلافي هذه المهددات والتي من المؤكد سيكون أولى برامجها معالجة أزمة الإقتصاد المنهك التي تلامس قضايا المواطنين ومعاشهم فقد بات الأمر ملحاً بل دونه الكارثة ذلك سوف يضبط دولاب العمل على مستوى الوزارات ومؤسسات الدولة ويعجل بالخطط الاسعافية التي تمكن من عودة العلاقات المتوازنة مع الأشقاء والأصدقاء والمستثمرين كما أنه سيعجل بالدعم الاقتصادي الدولي بإعتبار أن العالم ينظر للسودان كواحدة من الدول التي يمكن أن تساهم في الأمن الغذائي ووفرة الغذاء لذلك ندعو الحكماء من قيادات الأحزاب السياسية للتعجيل بالتوافق حول مصلحة البلاد التي باتت مهددة جراء الخلافات الحزبية.. وقد ظهر ذلك في تفشي الفقر وإنعدام الأمن وضعف موارد الدولة.. كما ندعو إلى حد أدني من البرامج الإصلاحية العاجلة  يشترك في التوافق عليها الجميع بلا استثناء لأجل وحدة البلاد ونهضة شعبها الذي أنهكه المعاش وبددت أحلامه الصراعات دون فائدة.. هل ننتظر استجابة لأجل السودان..، فقد بات من المؤكد أن الإختناق السياسي يقودنا إلى تراجع فرص نهوض الإقتصاد.. وهذا في تقديري يمثل الوجه الآخر للأزمة السياسية في البلاد.. التي تحتاج منا جميعاً المسارعة في الحل اليوم وليس غداً .

دمتم بخير..

[email protected]

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp الوجه الآخر للأزمة السياسية في البلاد .





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى