الهيكلة الجديدة لـ (الكتلة الديمقراطية).. (قحت) الأخرى
تقرير: محمد جمال قندول
على نحو مفاجئ أعلن تحالف الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) (الثلاثاء) عن هيكلة جديدة للتنظيم الجامع لـقادة حركات وقوى سياسية ومدنية، بالدفع بنائب رئيس الحزب الاتحادي الاصل جعفر الميرغني رئيساً للكتلة، ورئيس حركة العدل والمساواة نائباً له، واسناد اللجنة السياسية لرئيس حركة جيش تحرير السودان مني اركو مناوي، والقيادي بالحزب الجمهوري حيدر الصافي مقرراً، واعتماد اكثر من ناطق رسمي للكتلة.
وتأتي الخطوة في وقت هدد فيه ائتلاف الحرية والتغيير المجلس المركزي بوقف العملية السياسية وعدم التوقيع على الاتفاق الاطاري مع المكون العسكري واستمرار العنف والاعتقالات وعدم تهيئة الاجواء، فيما جدد رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان تأكيداته بعدم توقيع الجيش على اي اتفاق ثنائي مع اية جهة.
ويرى مراقبون أن اعادة ترتيب التوافق الوطني لملعبه التنظيمي تأتي في سياق اعطاء قوة دفع للكتلة، واعطاء توازن مرحلي لها في مقابل الاعلان السياسي الجديد للمركزي والموقعة عليه احزاب الشعبي والاتحادي الاصل وانصار السنة.
تحالف بوكو
وقال الامين العام للحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية مبارك اردول ان التغييرات الاخيرة لتحالفه تأتي في اطار التصدي للراهن السياسي، ومنها العودة للوثيقة الدستورية المعدلة والحوار السوداني ــ السوداني، على ان يكون دور الجهات الدولية مسهلاً.
وفي المقابل غرد امين القطاع السياسي بالاتحادي الاصل ابراهيم الميرغني والمحسوب على تيار الحسن الميرغني، غرد معلقاً على التحديث الجديد للكتلة الديمقراطية، بأنهم سوف يكملون بكل العزم والحسم اللازم عملية إعادة ضبط بوصلة الاتحادي واستعادة موقفه الوطني والتاريخي السليم، وتابع قائلاً: (القضية ليست في التبرك بالاسم، وإنما في التمسك بالموقف الصحيح من تطلعات جيل جديد من السودانيين، ومن القبيح أن يراكم تقفون ضده بهذا الشكل الغريب والمريب، وإذا كانت الفكرة هي أن ينتحلوا اسم تحالف الحرية والتغيير حتى ينالوا الرضاء والقبول، كان عليهم وبكل احترام تقديم طلب انضمام لقوى الحرية والتغيير أسياد الجلد والرأس، بدلاً من محاولة صناعة قحت (بوكو) بلا رؤية ولا هدف ولا مستقبل).
محاولة ذكية
ويذهب خبراء سياسيون الى ان دوافع ترفيع جعفر الميرغني رئيساً للكتلة الديمقراطية هي محاولة لاحداث توازن مع مجموعة المجلس المركزي واعلانها السياسي الذي وقع عليه الشعبي والاتحادي الاصل وانصار السنة، حيث خلق توقيع المكونات الثلاثة المذكورة زخماً لقوى الائتلاف التي فقدت الكثير من بريقها جراء الازمة السياسية المشتعلة لاكثر من عام، وهو ما دفع قوى التوافق الوطني لاسناد الرئاسة لنجل الميرغني في محاولة ذكية لابراز ان تحالف الكتلة الديمقراطية جامع وليس حكراً لحركات مسلحة والموقعين على السلام.
وفي ما يبدو ان عودة الميرغني (الاب) للخرطوم بعد غياب لسنوات طويلة، رجحت كفة نجله جعفر الذي يخوض صراعاً ثنائياً مع شقيقه الاكبر الحسن لفترة ليست بالقصيرة، واشتعلت حدة المنازعات بين نجلي مولانا محمد عثمان الميرغني خلال الاشهر الاخيرة، بمحاولة كل منهما فرض سيطرته لادارة الحزب في ظل وجود والدهما خارج البلاد في تلك الفترة، ووقع الحسن على وثيقة المحامين وانحاز للمركزي، فيما اصطف جعفر في صف التوافق الوطني الكتلة الديمقراطية منذ عودته الى البلاد قبل شهرين، وظل حليفاً لهم ومنادياً بالحل الشامل والحوار.
الخبير والمحلل السياسي د. نصر الدين التيجاني قال لــ (الانتباهة): (ان الهيكلة الاخيرة خطوة ايجابية، لجهة ان جعفر يعتبر نائب رئيس حزب سياسي ذي ثقل اذا قورن بمكونات الكتلة الديمقراطية الاخرى)، مشيراً الى ان الحسن الميرغني لا يمثل الحزب، وبالتالي وجوده ضمن ائتلاف المركزي غير شرعي ولا يشكل اهمية سياسية باعتبار انه غير مكلف من رئيس الحزب المعني، معتبراً ان عودة الميرغني ستحسم كل الجدل المحيط بمستقبل التنظيم داخل الاتحادي، فضلاً عن وجوده في التحالفات الخارجية الاخرى.
حزمة من الإجراءات
الهيكلة الجديدة شملت تعيين رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل ابراهيم نائباً لرئيس التحالف وحيدر الصافي مقرراً، والاول يعد احد ابرز مفاتيح اللعب في المشهد السياسي، لجهة انه زعيم لاحدى اكبر الحركات الموقعة على اتفاقية السلام، وظل منافحاً ومدافعاً عن موقف مجموعة الكتلة الديمقراطية الرافضة لاية تسوية ثنائية والرامية لحوار وطني سوداني ــ سوداني، فيما كان الثاني ضمن قوى الحرية والتغيير حتى اجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر.
غير أن للخبير والمحلل السياسي رأياً مختلفاً، حيث اعتبر ان توقيع الحسن الميرغني على مسودة المحامين حالة تماهٍ مع القوى الثورية والذهاب عكس اتجاه الكتلة الخبيثة التي تضم المنحازين لقرارات البرهان او ما سماها كتائب الحسم السريع وفلول الوطني على حد تعبيره، ويرى محدثي أن تعيين جعفر رئيساً للكتلة الديمقراطية محاولة لاستبدال مبادرة المحامين بمبادرة الجد، وتأتي ضمن حزمة من الاجراءات المناوئة لمسودة المحامين.
وتأتي التطورات الجديدة لقوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية على ضوء التسريبات الرائجة عن تفاهمات تجرى بين المكون العسكري وقوى الائتلاف. ورغم نفي العسكريين مزاعم التسوية، الا ان قوى المجلس المركزي ظلت تؤكد باستمرار اقتراب اتفاق سياسي وشيك يفضي لتشكيل حكومة تقود الانتقال المتعثر، وبينما يمضي العام لخواتيمه لا يبدو التوقع بمآلات المشهد السياسي ممكناً في ظل مناخ سياسي مضطرب ومعقد.. ليبقى السؤال قائماً: هل جاءت التغييرات الاخيرة للكتلة الديمقراطية لترتيب التنظيم الجامع داخلياً؟ ام محاولة لفض التسوية المزعومة؟