أخبار السودان

الجنرالات بالملكي.. إعادة ترتيب الملفات


شؤون دول القرن الإفريقي تتزايد أزمتها لما يقرب من عقدين، ولم تكن منطقة القرن الإفريقي على رأس أولويات السياسة الخارجية لدول الخليج، لكن قربها الجغرافي جعل منها اهتماماً ثابتاً، لاسيما من منظور الأمن (البحري). ويدخل القرن الإفريقي ضمن الاستراتيجية الأوسع، لا سيما في ما يتعلق بالاستثمار في الأمن الغذائي على المدى الطويل، وخلق موقف الولايات المتحدة غير المتسق في الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، المجال ــ وربما حتى الضرورة ــ لمثل السودان باعتبارها قوى وسطى لتأكيد نفوذها في منطقة البحر الأحمر والقرن الافريقى.
ولم يهنأ جنوب السودان بالسلام طويلاً بعد انفصاله عام 2011م عن السودان، فقد دخلت البلاد بعد عامين في حرب أهلية خلطت الأوراق وهددت السلم الاجتماعي لجنوب السودان والسودان، وطرحت أسئلة عديدة بشأن قدرة الدولة الوليدة على مواجهة التحديات المطروحة.
وعلاقة الود التي جمعت بين رفقاء درب النضال انتهت بعد عامين من إجراء استفتاء تقرير المصير، وانتهت معها مرحلة من الاستقرار الهش في جنوب السودان، وبدأت في المقابل مرحلة جديدة من اللااستقرار وتضارب المصالح، ويرى الجنرالات أن هذا الوضع يضر بالسودان ولا بد أن يسعوا فيه لرأب الصدع، وبدأوا في تواصل إقليمي ودولي كبير، وتأثر هذا التواصل بغياب فاعلية اجهزة الدولة التي غابت عن المشهد، وهو أكبر فجوة يراها المراقبون في هذا الملف الحساس، ويبدو أن الجنرال الكباشي قد كلف بهذا الملف ليكون الرجل المهتم بملفات السياسة الحساسة في منطقة القرن الإفريقي، وتقع جوبا في تخوم هذه المنطقة الحساسة.
إعادة توزيع الملفات
وبالنسبة لبلدان القرن الإفريقي ــ وبشكل أساسي الصومال، إثيوبيا، السودان، إريتريا وجنوب السودان ــ السودان الأكثر قوة، وإن لم تكن خالية من بعض المخاطر، ومن الواضح أن هذه الدول غير متكافئة أو غير متوازنة في طبيعتها، فقيرة نسبياً ومُتقلبة سياسياً ومحتقنة بالصراعات، ويعمل الجنرالات بشكل متزايد على تأكيد وجودهم كقوى وسطى فاعلة، الأمر الذي جعل السودان من أهم اللاعبين الخارجيين في السوق السياسية التنافسية للقرن الإفريقي بالرغم من الظرف السياسي الذى يمر به السودان، وعلى الرغم من عدم وجود خطة واضحة للدول لتحقيق ذلك، يرى المراقبون ان الجنرال البرهان يعد خطة ترتكز على الجنرال كباشي وإبراهيم جابر وميرغني ادريس واجهزة الامن القومى.
الجنرالات ميرغني إدريس والكباشي وإبراهيم جابر رجال البرهان للملفات الحساسة، يشبه البعض دورهم الحالي بالدور المحوري، ويذهب المراقبون الى أن الدور ينقصه بعض الترتيب بين المخابرات العامة والمخابرات العسكرية، حيث يمسك الثلاثي بالملفات الحساسة والمهمة، ويشكل جبريل إبراهيم ومناوي تكلمة الخماسي الأهم في ملفات المرحلة الدقيقة من عمر السودان، اتساقاً مع أوراق البرهان الناعمة التي يحاور بها الإقليم، ويسعى فيها لدور إقليمي أكبر للسودان واستعداداً لسلسلة من الخطوات التي تهدف إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للسودان عبر الاستغلال الأمثل للموارد وتوطينها مع التوظيف الصحيح، استندت فيها الى متطلبات استراتيجية المرحلة القادمة.
فرصة الجنرالات
الجنرالات يراقبون المشهد في علاقة السعودية مع أمريكا، بأنه فصل جديد في العلاقات السعودية ــ الأميركية، والعلاقات الخليجية ــ الأميركية، وعلاقات أميركا بالمنطقة، حيث أوضحت الرياض أن العلاقة يجب أن تقوم بالضرورة على الندية واحترام قيم الأطراف وقتل الأفكار القديمة المترسخة لدى السياسي الأميركي (الحماية مقابل النفط).
صندوق الاستثمارات.. قناص الفرص العالمية
ويسير صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي والذراع الاستثمارية للمملكة) بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافه الرئيسة المتمثلة في تعظيم قيمة أصوله وإطلاق قطاعات جديدة وتوطين التقنيات والمعارف المتقدمة وبناء الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية، وذلك سعياً لتعزيز دور الصندوق كمحرك فاعل لتنويع الاقتصاد السعودي وتعميق أثر ودور المملكة في المشهد الاقتصادي السياسي الإقليمي والعالمي خصوصاً مع افلاس البنوك الامريكية.
ويسعى الصندوق ليصبح واحداً من أهم صناديق الثروة السيادية في العالم وأكثرها تأثيراً، وأن يصبح محركاً فاعلاً في الاقتصاد العالمي والشريك المفضل في فرص الاستثمار العالمية، فمنذ إعلان (رؤية المملكة 2030م) يظهر جلياً استثماره في المستقبل، وعزمه على إطلاق أضخم مشروع للطاقة الشمسية في العالم وضخ (500) مليار دولار في استثمارات محلية وعالمية، وقد بدأ الجنرالات بتقسيم الادوار، حيث يتابع المراقبون تشارك كل من ميرغنى ادريس وابراهيم جابر في الملف الاقتصادي من حيث الطاقة والموانئ البحرية وملفات اخرى حساسة.
نادي الكبار
وبحسب بيانات معهد صناديق الثروات السيادية، يتحرك الجنرالات لدخول نادى الكبار عن ملفات تدار بصورة هادئة يناقش فيها الجنرالات كيفية دخول السودان في نادى الكبار عبر صندوق الاستثمارات السعودية بعد ان جربوا نادي باريس ووعود صندوق النقد الدولى.
وهناك تسع شركات محلية يسعى الجنرال لتبادل الخبرات معها بخلاف الاستثمارات الخارجية، وقطاعات جديدة تدخل الاقتصاد السعودي لأول مرة، وبالتالي معظمها شركات هي الأولى من نوعها في المملكة، ومن ضمنها الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وشركة في قطاع الترفيه، والشركة الوطنية لخدمات كفاءة الطاقة، والشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري وشركة الطائرات المروحية، حيث يسعى الجنرال البرهان الى عملية توأمة، وتوسيع دائرة التفاهمات في هذا الاتجاه مع الشركات المحلية السودانية التى يتمتع البرهان بخاصية التأثير فيها، في ظل تعطل الرؤية الاقتصادية للبلاد وغياب حكومة مدنية تأخر الاعلان عنها، ويرجح اغلب المراقبين ان الجنرال سيسرع الخطى لتشكيل حكومة لاقتناص الفرصة المهدرة، وفي نفس الوقت سيسعى جنرالات الاقتصاد كالفريق ابراهيم جابر وميرغنى ادريس مع وزير الاقتصاد لمزيدٍ من التفاهمات بما هو متاح من شركات، خصوصاً في ظل الانهيار المتسارع للاقتصاد الامريكي.

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp الجنرالات بالملكي.. إعادة ترتيب الملفات





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى