المقالات

التجهم والعبوس طغى على الأريحية والإبتسام


مشاوير

نصرالدين السقاري

                                  (1)

  أنظر حولك عزيزي القارئ الكريم  في أي مكان كنت، في حافلة المواصلات، إقرأ وجوه من حولك رجالاً ونساءاً، شيباً وشباباً، شابات وأطفالاً، ستجد  أن كل الوجوه في حالة عبوس وتجهم تلقائي،  إذا ذهبت إلى مكاتب الخدمة العامة ستجد أن المسؤول (وجهه يلعن قفاه) (صاري بوزو) وكأنك تريد قبض روحه، والذين ينتظرون خدماته تجدهم في حال من التجهم يصعب تفسيرها.

                               (2)

كذلك التاجر مع الزبائن والأستاذ مع الطلاب والتلاميذ، والكماساري مع الركاب ووجه(الحديد) عندما يبدأ بالتحصيل من الركاب ويا ويل من يقول له أنا نازل قريب وينقص قيمة التذكرة  حسب فهمه أن المسافة قريبة وتعال شوف (صرة الوجه والبرطمة) ورفع الصوت  وإحراج الراكب وقد يحدث  إشتباكاً بالأيدي وتقوم الحافلة وتقعد، وهاك يا  اساءات  وتجريح،  وخروج عن النص مع (التجهم وصرة الوجه) بعد فض الإشتباك  ، ولا أظن أن تعود لهما الإبتسامة باقي اليوم.

                              (3)

  الوالد في البيت يأتي إلى البيت بعد عمل يوم شاق ومرهق تجده عابثاً والتجهم يسيطر على محياه ويا ويل من بالبيت سواءاً كانت الزوجة أو الأولاد ينتظرونه بأشكال أو طلبات، لتبدأ ثورة الغضب والزعيق  والضرب أحياناً، لينزوي الجميع حتى هدوء العاصفة إلا أن الإبتسامة تضل طريقها إلى الكل  طوال باقي اليوم ، صدوقوني هذا استطلاع أجريته  بنفسي وإن كان استطلاع بلا حوار مع أحد فقط أراقب ما يحدث حولي مع التركيز الشديد في وجوه العامة.

                               (4)

– ساقني استطلاعي الصامت هذا إلى جامعة النيلين، فقلت في قرارة نفسي أن الطلاب من واقع أن ( همهم في غيرهم) وأنهم بعد تناول البوش والسندوتشات وإحتساءهم للمشروبات الساخنة والباردة يكونون في حالة من الإبتسام  والمرح خصوصاً وجودهم في نظام الشلة و(القرو بات) و(الخلط) أحياناً إلا أنني فوجئت بأن لا واحد أو واحدة في حالة مرح وإبتسامة بل العكس وجوم وتجهم وعبوس وكأنهم في مأتم، فلماذا كل هذا يا هؤلاء؟.

                               (5)

   خرجت من الجامعة ومازلت أتفحص الوجوه  وقفت عند صاحب مكتبة مقابلة للكلية وجدته (مبوزاً) طلبت منه تحويل(بنكك) فأنا أحمل مالاً سائلاً في جيوبي  وأعلم وتعلمون حين تنتفخ الجيوب ماذا يحدث؟؟  فصرخ في وجهي ألم أقل   لك (ماعندي تحويل بنكك)؟.

  فقلت له محاولاً رسم إبتسامة  في وجهي ياخ أنا يدوب جئتك فإذا به يقوم من كرسيه  ويسألني ياخ أنت داير معاي مشكلة؟ فقلت له أبداً داير أحول ليك قروشي دي بنكك فأذا به يشتاط غضباً وصراخاً مطالباً أياي بتركه في الحال التي هو عليها  فتركته وإنصرفت وأنا اتساءل ماذا أصاب  هذا الشعب الطيب العفوي السمح الخصال البشيل فوق(الدبر) (بفتح الباء)؟ هل هي قسوة الحياة أم تدهور الحال المعيشي؟ هل بسبب الضغط الاقتصادي ؟ أم الوضع السياسي؟ أم الوضع الأمني؟.

  أسئلة حائرة  لا جواب لها إلا أنني أعدكم  في أعددنا القادمة  باستضافة استشاري نفسط وحوار حول هذه الظاهرة وسبر أغوارها علمياً .

     وصلى الله على الحبيب المصطفى.





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى