المقالات

التاج بشير الجعفري يكتب: رئيس الوزراء المرتقب ومطالب الثورة!!


[رؤيتي]

بقلم – التاج بشير الجعفري

بدأ على الساحة السياسية بعض الحراك لفك طلاسم الأزمة الحالية في البلاد وذلك بعد تصريحات المؤسسة العسكرية مؤخرا بأنها ستنأى بنفسها عن المشاركة في الأمور السياسية وستترك المجال للسياسيين للتوافق وتكوين حكومة تستطيع إكمال متطلبات الفترة الإنتقالية والوصول للإنتخابات التي ستنهي الجدل القائم حول الأحقية في حكم البلاد.
وبعيدا عن تصريحات الجانب العسكري التي أعتقد انها تأخرت كثيرا، إذ كان ينبغي أن تكون تلك التصريحات قبل الإنقلاب على حكومة الفترة الإنتقالية في أكتوبر من العام 2021 لأنها لو صدرت في ذلك الوقت لكان من الممكن تفادي الكثير من الخسائر البشرية والمادية التي منيت بها البلاد خلال التسعة أشهر الماضية.

الآن وقد تغير الكثير في المشهد السياسي منذ أكتوبر الماضي وحتى الآن، فقد بدأ الحديث عن ترشيحات وأسماء لمنصب رئيس وزراء جديد.
ومع أي حديث عن إختيار رئيس للوزراء يبرز بجلاء إسم رئيس وزراء حكومة الفترة الانتقالية السابق الدكتور عبد الله حمدوك كمرشح للمنصب؛ وقد بدأت مواقع التواصل الإجتماعي التداول في هذا الأمر بين مؤيد لعودته ورافض لها.

الأكيد أن الدكتور حمدوك أستطاع إقناع طيف واسع من السودانيين في الداخل والخارج أن بإستطاعته إنتشال البلاد مما هي فيه من تدهور في كافة المجالات وإخراجها من أزماتها المزمنة؛ وقد برهن على ذلك عمليا من خلال العديد من الإنجازات التي حققها خلال فترته القصيرة في رئاسة الحكومة.
ولذلك يتمنى الكثيرون عودته لإكمال ما بدأه رغم المعارضة الشديدة من البعض خاصة من أنصار التيار المناهض للثورة والتغيير.

مطالبة البعض بعودة حمدوك لا تعني أن فترته كانت بلا أخطاء، إذ لا يوجد شخص منزه من الخطأ ولكن يقيننا أن الرجل أجتهد وأخطأ وأصاب وقدم الكثير في حدود ما سمحت به الظروف إبان فترة حكمه التي أتسمت بالكثير من التجاذبات والمصادمات بين المكونين المدني والعسكري.

ايضا يعيب البعض على الدكتور حمدوك تساهله في بعض الأمور مع شركاء الفترة الإنتقالية، تحالف قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري على حد سواء؛ وهي النقطة التي لو إستطاع الدكتور حمدوك معالجتها لأمكنه ذلك من إكمال الفترة الإنتقالية بسلام.
ولكن رغم ذلك ليس لنا إلا أن نعذره فقد قدم ما باستطاعته في ظروف صعبة ومعقدة لا نعلم الكثير من خلفياتها.
خلاصة القول؛ لا أعتقد أن الدكتور حمدوك سيكون راغبا في العودة للمنصب في هذا التوقيت بالذات لأنه لم يتغير شيء في المشهد الذي تركه بل إزدادت الأمور تعقيدا.

ولذلك أرى أن على القوى السياسية الداعمة للثورة أن تعمل على إختيار شخصية مستقلة وقوية ومنفتحة ولديها حضور دولي والأخيرة هي النقطة الأهم في هذا التوقيت لأن البلاد في هذه الفترة تحتاج لإظهار حضورها الإقليمي والدولي ومعالجة الكثير من القضايا والملفات التي تتطلب التعامل بحرفية ومهنية عالية مع المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة.

كذلك يجب أن تتوفر الاستقلالية والحيادية المطلوبة في شخصية رئيس الوزراء المرتقب وأن تتوافق عليه قوى الثورة الفاعلة مع الجميع؛ مع ضرورة أن يقف رئيس الوزراء “المرتقب” على مسافة واحدة من الجميع؛ وهي نقطة هامة وجوهرية ستحدد إمكانية نجاحه في المنصب.
ينبغي ان تتوفر في رئيس الوزراء القادم المقدرة على العمل بإخلاص لتحقيق أهداف الثورة وتحقيق العدالة، فلا تزال الشوارع تعج بالمتظاهرين السلميين المطالبين بتحقيق أهداف الثورة وسوف يمثل هذا الحراك السلمي المستمر التحدي الأكبر لأي رئيس وزراء قادم.
أخيرا ينبغي التذكير بأخذ العبر والدروس من فترة التسعة اشهر الماضية والتي فقدت فيها البلاد الكثير من الموارد وضاعت عليها العديد من الفرص وأيضا فقدت البلاد حضورها الإقليمي والدولي
كدولة مؤثرة بموقعها وتاريخها وإرثها الحضاري؛ لذلك يتطلب الأمر ضرورة إحداث التوافق المطلوب لتفادي جر البلاد لمزيد من التدهور السياسي والإقتصادي.

ختاما، نتمنى أن تتكلل المساعي المخلصة من كافة القوى السياسية الفاعلة في الثورة بالنجاح لإختيار الشخصية المناسبة لهذا المنصب؛ وأن تتمكن القوى السياسية المختلفة من التسامي على خلافاتها والتوافق على شخصية تستطيع القيام بمهام المنصب بكفاءة واستقلالية وحيادية في هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد.🔹
[email protected]





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى