الإقتصاد

الاقتصاد.. المنعطف الخطير


خبير اقتصادي: (هناك دولاً تمنح قروضاً وتمويلاً بالكوريك والسودان لم يدعم ولو بالملعقة )
شيخون: الدولة قررت تخصيص تصدير الذهب للخارج واحتكاراً على بنك السودان ولم تنفذه لأسباب لا نعرفها
كمال كرار:حديث جبريل مردود عليه وهو سبب الأزمة السودانية
عميد كلية الاقتصاد السابق :وزير المالية تحدث عن سوء الإدارة ولم يتحدث عن الفساد

الخرطوم : هنادي النور : هالة حافظ
البلاد تعاني منذ فترة تراجعاً في مؤشرات الاقتصاد الكلي، فهناك أزمةً في ميزان المدفوعات وعجزاً في الموازنة وارتفاعاً في مستويات البطالة وتعطل مهم في الصناعات التحويلية ولم تتمكن منذ الثورة من التوصل إلى معالجات مؤقتة لمشاكلها العاجلة خاصةً أن الاقتصاد السوداني ومنذ زمن اعتمد على المعونات والتسهيلات التمويلية الميسرة التي تقدمها البلدان والمنظمات التمويلية والاستثمارية الدولية.
ومنذ اندلاع الثورة لم يتحقق خلالها أي تطور إيجابي في الأوضاع الاقتصادية أو مستويات المعيشة، بل تراجعت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتأزمت من دون استشراف لأية تحولات إيجابية.
وأمس صرح وزير المالية دكتور جبريل إبراهيم قائلاً : إن مشكلة السودان الرئيسية التي يعاني منها الوضع الاقتصادي هي سوء إدارة موارد، وسوء إدارة التنوع الموجود، معدداً الظروف الصعبة التي مر بها السودان منذ استقلاله، خاصةً فيما يتعلق بالحروب التي تعرضت لها البلاد طوال (5) عقود وهو ما أدى إلى استمرار عدم الاستقرار ونزيف حاد في الموارد المالية، مثل هذه التصريحات وجدت استنكاراً من قبل المهتمين بالشأن الاقتصادي لجهة أنه لا يوجد أي تحسن للأوضاع الاقتصادية وإنما الحديث من الجهات الحكومية فقط للاستهلاك السياسي.

فساد
فند عميد كلية الاقتصاد السابق بجامعة النيل بروفيسور كمال أحمد حديث وزير المالية أن سوء إدارة هذا من المسلمات والسودان به سوء إدارة لأي شيء ، وأضاف هناك سوء في إدارة الاقتصاد ، و الصحة ،والاجتماع ، وحتى الأمن فيه سوء إدارة ، وقال خلال حديثة لـ (الإنتباهة ) أمس ان سوء الإدارة احد أسباب الوضع الاقتصادي المتردي ، بيد أنه أرجع بالقول ان حديثه عن تنوع الموارد حقيقة وهناك تنوع ضخم جداً للموارد بالبلاد، والسودان يعتبر من أعظم دول العالم في الاقتصاد ، والآن قبل فترة ذكر أن السودان صنف ضمن أربع دول يمكن أن تمد العالم بالغذاء ، وهذه حقيقة ، والسودان يمكن أن يزرع فيه القمح وهذا أهم محصول في العالم بجانب الصمغ العربي ، وهذا أهم محصول للأدوية والأغذية ، وبه الثروة الحيوانية، والقطن ، ويوجد اليورانيوم والذهب ، وبترول ، ولكن هذا التنوع به سوء إدارة ، وفند حديث وزير المالية قائلاً: (انه تحدث عن الحروب ، ولكن من الذي صنع الحروب ، واستدرك بالقول إن الحروب يصنعها العدو ، وأضاف أن البترول دليل على ذلك شركة (شيفرون) أغلقت كل الآبار، وجاءت شركات صينية في زمن وجيز جداً لا يتجاوز ثلاثة أعوام واستخرجت كميات كبيرة ، وعندما علمت أمريكا بذلك جاءت بالحصار ، وهذا لم يقصد به دولة إرهابية ولا يوجد مؤشر لذلك ، وهذه علة فقط ، والآن أية منطقة في السودان فيها حرب بالتأكيد فيها موارد وأن العالم الخارجي وهؤلاء اليهود والنصارى لا يريدون لها الخير ، وجزم كمال بأن السودان غني جداً ، ولكن هناك جهات خارجية للأسف استخدمت الخونة من البلد ، وأردف أي شخص يخرج ويقف ضد السودان ، ويطالب بحصار السودان ويدعم بالجيوش المتمردة على الحكومات هذا يعتبر (خائن) وفي النهاية المتضرر ليس الحكومة وهي تجلس في برجها العالي ، والعاجي والمواطن هو المتضرر ، وأردف أي شخص يقف ضد الحكومة إذا كانت سيئة فهو خائن ، وشن كمال هجوماً عنيفاً على وزير المالية قائلاً (أنه كان احد العملاء لدى الغرب نيابةً عنه في محاربة بلده والآن جاء لوزارة المالية ، ماذا فعل ، لأهله ، لم يفعل شيئاً ولم يقدم شيئاً ، وبالعكس زادت الحروب أكثر من فترة الإنقاذ) ، وأضاف الذين توفوا، أكثر من الذين توفوا أيام الإنقاذ ، والآن زالنجي ،والضعين ، وبليلة، جميعها مشتعلة بالحروب أكثر من قبل ، واستدرك قائلاً : (لم يكن حربهم من أجل هامش ، أو تنمية وإنما هدفهم أن ينوبوا عن هؤلاء الأعداء، وقال لماذا لا يسألون أنفسهم، لماذا لا توجد حرب في الشمال، لأنه لا توجد به ثروات مثل دارفور، أو النيل الأزرق أو الجنوب ، وأردف الشرق الحرب الموجودة حالياً بفعل الدول التي تنوب عن الدول الغربية ، واتهم دولا لم يسمها بأنها سبب البلاوي لكل الدول العربية ، وأضاف أن السودان غني به موارد وجزم هناك أياد خفية لا تريده أن يتقدم ، وأيضاً لا أحد ينكر أن الإنقاذ لديها سياسات كانت خاطئة ولم تتعامل بسياسات (سيدنا معاوية) وكان هناك تشدد منها في بعض الأمور، كان يمكن أن تتعامل معها سياسياً وبحنكة وخبرة ، وأردف أن الإرهاب الذي يتحدث عنه ، جاءت به الإنقاذ ، وقال إذا كانت وجدت وسيلة لترضى عنها أمريكا كان استجابة كما يفعل الآن البرهان ، وجزم بالقول هذه سياسة خبيثة ، مردفاً بالقول أن السودان كان أكثر دولة آمنة حتى في فترة الإنقاذ ، والآن الأمن معدوم ، إضافةً الى سوء الإدارة الرشيدة يوجد فساد ضخم خلال الفترات السابقة ، وقطع بوجود أسوأ أنواع الفساد تم في عهد الإنقاذ ، مبالغ فيه ، وتم تكوين دولة من الأشخاص وأصبحت غنية ، بفعل الفساد ، وقال كمال ان وزير المالية يتحدث عن سوء ولم يتحدث عن الفساد وأردف الآن موجود ، واعتبره سلوكاً يجب أن يعالج ، وللأسف لم يعالج ، وقطع بالقول إن السودان يمكن أن ينشئ أكثر من (50) مصنعاً يستفيد منه ، ويمكن أن ينتج سلعا بدلاً من أن يصدر مواد خام إلى عدد الدول التي تضحك على السودان ، وأضاف الآن نحارب التصنيع والتنمية للأسف ، والآن السودان يعيش فترة متردية في حين أن يمكن أن يكون دولة أغنى من دول العالم ولكن الفساد وسوء الإدارة تسبب العقبات المستمرة ، والحصار ولايوجد سوق عالمي ، فقط السوق محلي ، وأية دولة تشتري يتم منعها وهذا الحصار جاءوا به بأيديهم ، وما يحدث للسودان الآن سببه فشل هذه النخب التي أدارت السودان منذ الاستقلال حتى الآن وكل هذه النخب الفاشلة تتحدث عن الديمقراطية ولا تفهمها وأردف الأحزاب الموجودة طائفية ، ولديها (لوبيات) وأكد أن الديمقراطية تحتاج إلى شفافية ولذلك فشل السودان سببه معروف.

ذراعي المقص :
ويقول الخبير الاقتصادي إبراهيم شيخون ان إقرار وزير المالية جبريل إبراهيم خلال مشاركته في افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة للدول الأقل نمواً بالدوحة بأن مشكلة السودان الرئيسية هي سوء إدارة موارد، وسوء إدارة التنوع الموجود ، أنه لايستبعد أن سوء الإدارة احدى مشاكل البلاد الاقتصادية بيد أنه عاد وأكد في حديثه لـ (الإنتباهة) أن المشكلة الرئيسية هي منهج الاقتصاد وزاد : لابد للدولة أن تقوم بدورها في تعظيم عائدات الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي للدخول في الإنتاج ، وقطع بأنه دون هذا الطريق لن يكون هناك أي مخرج آخر ، وفي ذات الوقت أوضح أن الأزمة النقدية مثل ذراعي المقص في تدمير الاقتصاد الوطني بسبب عاملين أولهما العجز عن توفير عائدات تدفقات من النقد الأجنبي في الاقتصاد الوطني بجانب التضخم الاقتصادي، جازماً بأن الدولة قررت تخصيص تصدير الذهب للخارج وقفاً واحتكاراً على بنك السودان بيد أن هذا القرار لم ينفذ لأسباب لا ندري ماهي مشيراً إلى أن الدولة ووزارة التجارة ومجلس الوزراء قرروا تأسيس شركات مساهمة عامة للسلع الزراعية الأساسية وكذلك لماذا لم تؤسس لا ندري ونعتقد أن هذا هو لُب المشكلة وتابع : الحكومة الانقلابية الحالية لها دور فيما يخص سوء الإدارة .

الشخصنة والعشوائية :

وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي عبدالعظيم المهل فيما يخص حديث وزير المالية عن أن مشكلة السودان الرئيسية هي سوء إدارة للموارد، أن مشكلة الأساسية تتمثل في عدم الاستقرار السياسي والأمني وعدم الاستقرار الاقتصادي لعدم وجود سياسات اقتصادية مستقرة مع عدم المؤسسية في العمل والاعتماد على الشخصية والعشوائية الفردية في اتخاذ القرارات ، وبعد ذلك تأتي مشكلة سوء الإدارة بمعنى عدم توظيف الموارد التوظيف الصحيح إضافةً إلى معوقات لها علاقة بالقوانين الاتحادية والولائية إضافة إلى النزاعات المسلحة ومع عدم الاستقرار الامني للأسف لن يكون هناك استقرار اقتصادي ، وأبان في حديثه لـ (الإنتباهة) نحن منذ عام 1956م نستثمر في الحروب وهي أسوأ أنواع الاستثمارات وأردف : والمجتمع الدولي لا يعطي ما تحتاج بيد أنه يريد أن يأخذ أكثر من أن يعطي وتسيطر عليه دول معينة وحال لم تكن علاقتك جيدة معها لن يقوم بمنحك أي أموال بدليل أن حكومة السودان جاءت نتيجة الثورة شعبية بيد أنهم حجبوا عنها المعونات والقروض في الوقت الذي ترى فيه أن هذا التمويل من المنظمات الدولية والإقليمية والدول الغربية يذهب إلى بعض الدولة التي تحكم بانقلاب عسكري، وأكد على أن السودان بالرغم من أنه أوفى بجميع الاستحقاقات سواءً في السلام أو غيره إلا أنه منع عن إعطائه مبلغ (200) مليون دولار ،. وأضاف : (هناك دول تمنح قروضاً وتمويلاً بالكوريك والسودان بالملعقة لم يُدعم) ، وقطع بأن الحصار الاقتصادي المفروض على السودان منذ عام 1997م لم يتم رفعه حتى هذه اللحظة على أرض الواقع ، منبهاً إلى تجديد العقوبات قبل اسبوع إلى فترة عام ، وأردف : لن نستطيع أن نفرض على المستثمرين أن يستمروا في السودان والحروب والمناوشات مابين الجيش والحركات المسلحة والدفاع الشعبي مستمرة نتيجة عدم الاستقرار السياسي والأمني، وحال توفر الاستقرار السياسي والأمني يمكن أن يتوفر الاستقرار الإداري حتى حال تم استجلاب إداريين من خارج البلاد.

فاقد الشيء :
وفي المقابل قال الخبير الاقتصادي كمال كرار فيما يخص حديث وزير المالية عن أن مشكلة السودان الرئيسية سوء إدارة أن فاقد الشيء لايعطيه ، ونبه في حديثه لـ (الإنتباهة) إلى ان جبريل وزير مالية في حكومة انقلابية وهو أيضاً انقلابي ، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي السيئ يحتاج إلى المزيد من الأموال لوسائل الدفاع والأمن بيد أن معظم نسبة الميزانية تنساب نحو هذا الجانب ، مشيراً إلى أن حديث جبريل يعتبر محاولةً تبرير لهذا الواقع والتغاضي عن منصبه كوزير مالية انقلابي، وأكد على أن مشكلة البلاد الأساسية هي العساكر الذين لايريدون دولة مدنية ويريدون أن يجهضوا آمال الشعب السوداني وأن تُسير الموارد كما كان يحدث في عهد الإنقاذ ، منبهاً إلى أن هناك تمترساً يمنع أموال المنظومة العسكرية في الدخول للميزانية العامة ، وأكد على أن أموال الميزانية الجديدة تصب في حركات جوبا والأمن والدفاع والدعم السريع ، مشيراً إلى أن حديث وزير المالية مردود عليه وهو سبب الأزمة ، جازماً بأن الشعب السوداني سيطيح بهم وسيعود كما كان دولةً مستقرةً بعد اسقاط هذا الانقلاب، ولفت إلى أن الانقلابيين يتحدثون باسم الشعب السوداني في مشاركتهم بالمؤتمرات الدولية وأحاديثهم لا تعبر عن الشعب السوداني ولكنهم يعبرون عن أنفسهم كذلك ، مشيراً إلى أن الدول التي تدعوهم للمشاركة في تلك المؤتمرات هي ضد الثورة السودانية لجهة أن هذا الانقلاب يجب أن لا يعترف به في كافة أنحاء العالم بيد أن هذه الدول تمنحهم تلك الشرعية .

أزمة بشر

وقال الخبير الاقتصادي د. محمد خير حسن ان تصرح وزير المالية بأن مشكلة السودان الرئيسية التي يعاني منها الوضع الاقتصادي هي سوء إدارة موارد وسوء إدارة التنوع الموجود معدداً الظروف الصعبة التي مر بها السودان منذ استقلاله خاصةً فيما يتعلق بالحروب التي تعرضت لها البلاد طوال خمسة عقود وهو حسب قوله ما أدى إلى استمرار عدم الاستقرار ونزيف حاد في الموارد…
ولا أدري هل نام وزير المالية بالخيرة ومن ثم اكتشف كل ذلك ولعمري هذا تبسيط مخل للأزمة الاقتصادية في السودان، ولنتفق ابتداءً أن الوضع في السودان تجاوز مرحلة المشكلة الاقتصادية إلى ( الأزمة) بل الأزمة المركبة والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال ردها إلى عامل أو عاملين مهما بلغا من درجة التأثير وقال محمد حسن لـ( الإنتباهة) أزمة السودان في المقام الأول أزمة انتماء ووازع وطني بل ويمتد الأمر إلى تغييب الوازع الأخلاقي وإن تم تغييب الوازع الوطني والأخلاقي فسيترك أثره على كل شيء إن كان في جانب إدارة الموارد أو الجانب الإنتاجي أو الاستهلاكي أو السياسي أو الأمني إن غاب الوازع الوطني والأخلاقي فسيصل الأمر إلى بيع الوطن بدراهم أو دولارات معدودة لأعداء البلاد لإنجاح سياسات الغرب الرامية لتقسيم بلادنا إلى خمس دويلات ومن ثم استنزاف موارده لتحقيق مصالحهم الدنيئة،وان تم تغييب الوازع الوطني والأخلاقي فسيكون هاجس الساسة كما هو كائن الآن (إلا من رحم ربي منهم) ترجيح مصالح أحزابهم وتكتلاتهم ومكتسباتهم الشخصية فوق مصالح الوطن واستقراره ولظلوا يممون وجههم شطر السفارات الأجنبية والدول القريبة والبعيدة لحشد الدعم الذي يعين على مزيد من التكايد السياسي عندما يغيب الوازع الوطني والأخلاقي فستظل الخدمة المدنية في ترديها الحالي إهداراً للوقت وتردياً في الأداء وتعميقاً للمحسوبية وتكالباً على التعدي على المال العام ..
واضاف إن استمر تغييب الوازع الوطني والأخلاقي فسيحرص كل المنتفعين من هذه الفوضى ( المصنوعة ) على استمرارها ويظل ( الفرقاء) في سدة قيادتهم وتظل التكتلات تستنزف موارد بلادها بل ويحصل بعضها على المزيد نتاج عمالتها للخارج وستظل الجيوش داخل ولاية الخرطوم تسرح بلا رقيب ولا رادع وستكثر التعديات هنا وهناك مثل الذي حدث لمركز الشرطة وستظل قدرة قواتنا المسلحة على حفظ أمن البلاد والعباد منتقصة وأردف أن المسألة ليست فقط سوء إدارة موارد ولا سوء إدارة تنوع ولا حروب تم طي صفحاتها وأنها أزمة بشر أنها أزمة نفوس ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

1669117478_300_العدل-والمساواة-لسنا-طرفا-في-الحوار-السري-والجهري-بين-المكون.webp الاقتصاد.. المنعطف الخطير





المصدر من هنا

زر الذهاب إلى الأعلى