إعلان تأسيس تحالف لدعم العملية السياسية.. (الشرق).. اصطفاف جديد
تقرير: محمد عبد الحميد
تتسارع خطى رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم عملية الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس الحثيثة لكسب الوقت والضغط على الفرقاء للتوقيع على الاتفاق السياسي النهائي بين العسكريين والمدنيين، لضمان التمديد له لولاية جديدة في رئاسة البعثة المهددة بالفشل، في ظل حالة الاستقطاب والانقسام الحاد بين قيادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بسبب (ألغام) ما تسمى عملية الإصلاح الأمني والعسكري.
واستقبل المبعوث الأممي قوى سياسية من شرق السودان يتقدمهم رئيس مسار الشرق في اتفاق سلام جوبا خالد شاويش، حيث أخبرت القوى فولكر بيرتس بشروعها في تأسيس تحالف داعم للعملية السياسية الجارية الآن، باعتبارها المخرج للأزمة السودانية، فهل يفلح الاصطفاف الجديد في الشرق المنقسم في ما فشل فيه الآخرون؟
(1)
وفي الأول من أبريل الحالي نفذ مجلس البجا الأعلى بقيادة الناظر ترك تهديده بإغلاق الطريق القومي (الخرطوم ــ بورتسودان)، تأكيداً لرفضه التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي بين العسكريين والمدنيين في ذات اليوم، والذي كان يمهد لطي صفحة الخلاف بين الغريمين وتشكيل الحكومة الانتقالية وإجازة الدستور المزمع لتيسيرية نقابة المحامين.
وقال القيادي بتحالف شرق السودان الداعم للعملية السياسية صالح عمار ــ وهو حاكم سابق لولاية كسلا رفضت مكونات قبلية بالإقليم تنصيبه والياً عليها ــ في تصريح صحفي عقب اجتماع مع ممثلي الآلية الثلاثية: (إن قادة القوى السياسية والمدنية في شرق السودان أكدوا دعمهم الاتفاق الإطاري وتوصيات ورش الشرق والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري)، مشيراً إلى شروعهم في تكوين جبهة واسعة في الإقليم لدعم التوافق المستند الى هذه المرجعيات التي تمثل المخرج للبلاد من أزمتها الحالية.
في حين يرى مراقبون أن ما وصفه صالح عمار بالتوافق المستند إلى مرجعيات الورش المذكورة آنفاً التي مازالت قضية الإصلاح الأمني والعسكري كجزء أساسي لم يبت فيه بعد، لا يمثل إلا مجموعات محدودة لا ثقل لها ولا وزن سياسي، وترغب في إحكام السيطرة على عنق البلاد بدعم دولي وإقليمي بارز يحقق أهدافه هو وأغراضه وليس مصلحة السودان العليا.
وفي نفس الوقت أكدت مصادر لـ (الشرق) أن اجتماع هيئة قيادة أركان القوات المسلحة الذي التأم الأحد الماضي يتمسك برؤيته حول قضية دمج الدعم السريع وحركات الكفاح في الجيش والقيادة الموحدة تحت مظلة القائد العام، في وقت رفعت فيه اللجنة الفنية المشتركة اجتماعاتها لـ (24) ساعة تستأنف اليوم لمتابعة النقاش حول قضية القيادة والسيطرة والسقوف الزمنية المطروحة لدمج الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة في الجيش.
وأشار عمار إلى أنهم شددوا أثناء حديثهم مع الثلاثية على تمسكهم بوحدة السودان ومقاومة مخططات التقسيم والتدخلات الإقليمية الضارة ونهب الموارد المستمر تحت غطاء الانقلاب العسكري، موضحاً أن المتحدثين أكدوا أن قضية الإصلاح الأمني والعسكري حيوية وذات صلة بجذور الأزمة في الشرق. ونوه بأن القوى السياسية ستواصل لقاءاتها واتصالاتها بكافة الفاعلين وأهل المصلحة بالشرق بهدف تكوين الجبهة المدنية.
(2)
الجبهة المدنية التي تضع مصالح إنسان الإقليم في مقدمة الأولويات، وتعمل بجد على وضع حجر الأساس للدولة المدنية الديمقراطية التي يجد كل السودانيين أنفسهم فيها. والاتفاق السياسي الذي تعارضه الأكثرية من القوى السياسية والحزبية والجماعات وتمضي في طريقه أقلية مدعومة دولياً حسب محللين، لن يحقق الاستقرار المنشود وأمن المواطنين السودانيين، وربما يدخل البلاد ــ إذا ما تم التوقيع عليه ــ في دوامة من الصراعات القبلية والإثنية، ناهيك عن احتمالية اندلاع الحرب الأهلية خاصة في ظل المخاوف الراهنة من بروز خلافات الجيش والدعم السريع الجوهرية على سطح العلاقة بين القوتين العسكريتين.
ويشير خبير إدارة الأزمات والتفاوض اللواء أمين إسماعيل مجذوب إلى أن أزمة شرق السودان في النخب السياسية والإدارة الأهلية، فهنالك انقسامات وعدم رضاء بسبب تدخل الإدارة الأهلية ممثلة في المجلس الأعلى لنظارات البجا في العمل السياسي، فكل القيادات التي كانت موجودة في جوبا غير متوافقة مع القواعد في شرق السودان وأصبح الشرق جزءاً من الأزمة، فهم يغلقون الطرق والميناء في وقت لا أحد يعلم فيه بالضبط ماذا يريدون، فهل هم جزء من أزمة المركز، أم لهم مطالبات يمكن أن يتقدموا بها للمركز؟
ويفند خبير إدارة الأزمات في حديثه لـ (الانتباهة) لقاء مجموعة الشرق مع الآلية الثلاثية معتبراً إياه بادرة خير، فقد وضعت المجموعة مطالبها أمام الأمم المتحدة، وهو آخر مكان يمكن أن يساعد على حل مشكلات شرق السودان على حد تعبيره. كما أنهم يعودون بتفويض وإسناد دولي وإقليمي لشرح الأمور لأهلهم بالشرق، والابتعاد عن التصعيد والإغلاق والإضرار بالاقتصاد السوداني.
ويعتقد إسماعيل أن المجموعة تسير في الطريق الصحيح، مشيراً إلى أن توقيعهم على الاتفاق الإطاري إذا تم سيكون مكسباً كبيراً لأزمة شرق السودان، ويمكن أن تحل المطالب في إطار الاتفاق النهائي الذي نص على توصيات واضحة بالنسبة لقضية الشرق، كما أنهم سيكونون جزءاً من تسوية وتنظيم الفترة الانتقالية، وبالتالي سيشاركون في المجلس التشريعي والمفوضيات، مما يمكنهم من طرح مشكلاتهم التي تحتاج الى حلول، وبالتالي يقومون بخدمة القاعدة وأهلهم في الشرق بدلاً من التصعيد غير المبرر ومساندة أزمات المركز والدخول فيها (بالطول والعرض)، دون أية فوائد يجنيها شرق السودان.